لغة هو هذا الحمد وعرفا صرف العبد جميع ما أنعم الله به عليه إلى ما خلق لأجله والمدح لغة الثناء باللسان على الجميل مطلقا على جهة التعظيم وعرفا ما يدل على اختصاص الممدوح بنوع من الفضائل نبين كل من الستة والبقية نسبة أما تباين كالحمد اللغوي لا بالنظر إلى شرطه والمدح اللغوي مع الشكر العرفي لصدقهما بالثناء باللسان فقط والشكر إنما يصدق بذلك مع غيره أو تساو كالحمد العرفي مع الشكر اللغوي أو عموم وخصوص مطلق كالحمد اللغوي مع كل من المدحين لصدقه بالاختياري فقط وصدقهما به وبغيره أو مع الشكر العرفي بالنظر إلى شمول متعلق الحمد لله تعالى ولغيره واختصاص متعلق الشكر به تعالى وكالشكر اللغوي مع الشكر العرفي وكذا بين المدحين وبين الحمد والشكر العرفيين وبين الشكر والمدح كك وبين الحمد والمدح كك وبين الشكر اللغوي والمدح العرفي أو عموم من وجه كالحمد اللغوي مع العرفي لصدقهما بالثناء باللسان في مقابلة نعمة وانفراد اللغوي لصدقه بذلك في غيرها والعرفي لصدقه بغير اللسان فمورده أعم ومتعلقه أخص واللغوي عكسه أو مع الشكر اللغوي كان وكالحمد العرفي والشكر اللغوي مع المدح اللغوي لاجتماعهما معه في الثناء باللسان على النعمة وانفرادهما عنه أصدقهما بغير اللسان وانفراده عنهما لصدقه بغير النعمة فمورده أخص ومتعلقه أعم وهما بالعكس واعلم أن نقيض الحمد الذم والشكر الكفران والمدح الهجو والثناء النثاء بتقديم النون لله الجار والمجرور ظرف مستقر مرفوع المحل على أنه خبر لقوله الحمد وهو في الأصل ظرف لقوله لأنه من المصادر التي تنصب بأفعال مضمرة كقولهم شكرا وكفرا فكان في الأصل أحمد حمد الله وإنما عدل من النصب إلى الرفع ليدل على ثبات المعنى واستقراره ومنه قوله تعالى قالوا سلاما قال سلام فزاد إبراهيم عليه السلام تحيته بالرفع لتكون أحسن واللام في الحمد للاستغراق عند الجمهور وللجنس عند الزمخشري ولا فرق هنا لان لام لله للاختصاص فلا فرد منه لغيره وإلا لوجد الجنس في ضمنه فلا يكون الجنس مختصا به وللحقيقة عند بعضهم بمعنى أن حقيقة الحمد وطبيعته ثابتة لله وللعهد عند آخرين وأجازه الواحدي بمعنى إن الحمد الذي حمد الله به نفسه وحمده به أنبياؤه وأوليائه مختص به والعبرة بحمد من ذكر وإنما قدم الحمد لاقتضاء المقام مزيد اهتمام به وإن كان ذكر الله أهم في نفسه ولأن فيه دلالة على اختصاص الحمد به وجملة الحمد خبرية لفظا انشائية معنى لحصول الحمد بالتكلم بها ويجوز أن تكون موضوعة شرعا للانشاء المتفرد بالتاء المثناة من فوق والراء المشددة بعد الفاء ويحتمل على ضعف أن يكون بالنون مع تخفيف الراء وإنما رجح الأول ليناسب ففتح بقية الفقرات كالمتنزه والمتفضل والمتطول ولأنه يقتضى المبالغة في الوصف لما مر من أن زيادة البناء تدل على زيادة المعنى بالقدم فلا أول لوجوده ولا يشركه فيه شئ وهذا الوصف يستدعى كمال قدرته وعلمه لان مشاركة غيره له فيه موجبة لواجبيته النافية لذلك ويندرج فيه باقي الصفات الثبوتية لزوما وفيه تكذيب للقائل بقدم الأجسام السمائية كأرسطو وللقائل بأن مادة العالم قديمة كسقراط على اختلاف في تلك المادة والدوام الذاتي فلا آخر لوجوده ولا يشركه فيه شئ والتقييد بالذاتي يخرج أهل الجنة فإنهم مشاركونه فيه لكن دوامهم ليس ذاتيا وهذا القيد ليس من لوازم صفاته تعالى وإن لم يصرح به فإنها أمور اعتبارية ومرجعها حقيقة إلى الذات المقدسة وربما يقال في دفع المشاركة أيضا إن المراد انفراده تعالى بالقدم والدوام معا يجعل الواو بمعنى مع وأهل الجنة لا يشاركون في الأول والأول أولى وأولوية تقديم هذه الفقرة على ما بعدها مبنى على أشرفية
(٥)