البقاء على حكم الكثرة بل هذا الاحتمال أوجه من احتمال الاكتفاء بالثلثين المتردد فيها فإن إلغاء المناسبة بين حكم السفر وكثرة السفر يقتضى الاكتفاء بمطلق العشرة إن عمل بمطلق الرواية ولم يقل به أحدا وتوقف حكم قطع الكثرة على الإقامة عشرة منوية ولا تقطعها بدونه ورعاية المناسبة تقتضي اشتراط العشرة بعد الثلثين فالقول بالاكتفاء بالثلثين المتردد فيها غير متجه فإن قيل لما علمنا اعتبار الثلثين المتردد فيها وترتيب حكم قطع السفر عليها وإقامتها مقام نية الإقامة اعتبرناها هنا مع صدق إقامة العشرة في الجملة بخلاف العشرة المتردد فيها فإن الشارع لم يعتبرها بحال قلنا إنما اعتبرها الشارع في حكم يكفي في اعتباره نية إقامة العشرة كما قد عرفته والامر في المتنازع ليس كذلك فإن نية إقامة العشرة غير كافية إجماعا فكذا ما هو بحكمها ولا يلزم من اعتبار الشارع لها في حالة اعتبارها مطلقا وإلا يقم أحدهم عشرة على الوجه المتقدم أتم صلاته ليلا وهي وصيامه نهارا سواء لم يقم أصلا أو أقام دون الخمسة أو أقام خمسة على رأى مشهور لصدق اسم المسافر على من أقام دون العشرة فيلحقه الحكم وكقوله صلى الله عليه وآله هما سواء إذا أفطرت قصرت وإذا قصرت أفطرت ونبه بالرأي على خلاف الشيخ وجماعة حيث ذهبوا إلى أن من أقام خمسة فصاعدا إلى ما دون العشرة يقصر صلاة النهار ويتم الليل والصوم لرواية عبد الله بن سنان قال المكاري إن لم يستقر في منزله إلا خمسة أيام أو أقل قصر في سفره بالنهار وأتم بالليل وعليه صوم شهر رمضان وأجيب بأن الحديث متروك الظاهر لتضمنه ما دون الخمسة وهم لا يقولون بتأثير ما دونها وفيه نظر لان الخبر إن صح لم يضر موضع الخلاف منه خروج جزء آخر عن صلاحية الاحتجاج والأصحاب قد احتجوا به على إن إقامة العشرة تقطع كثرة السفر واحتمال اختصاص الحكم بالمكاري إنما نشاء منه لان البحث فيه عنه وحمله المصنف في المختلف على سقوط نافلة النهار ولا يخفى بعده ولضعف جوابه مال المحقق في المعتبر إلى العمل بمضمونه وموافقة الشيخ ونقل عن ابن الجنيد القول بالاكتفاء في التقصير بإقامة ما دون الخمسة كما دل عليه الخبر الشرط وخفاء الجدران والأذان فلا يترخص المسافر قبل ذلك على المشهور بين المتأخرين واعتبر أكثر المتقدمين أحد الامرين خفاء الجدران أو عدم سماع الأذان وابن بابويه لم يعتبرهما معا واكتفى بمجرد الخروج من المنزل ووجه ما اختاره المصنف من اعتبار الامرين معا صحيحة محمد بن مسلم قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام رجل يريد السفر فيخرج متى يقصر قال إذا توارى من البيوت وصحيحة عبد الله بن سنان عنه عليه السلام إذا كنت في الموضع الذي لا يسمع فيه الأذان فقصر وإذا قدمت من سفرك قبل ذلك والجمع بين الخبرين يحصل بالعمل بمدلولهما معا والمتقدمون جمعوا بينهما بالتخيير وليس بواضح وعول ابن بابويه على رواية مرسلة تدل على القصر إلى أن يعود إلى المنزل وهي مع ذلك مجملة يجب حملها على المبين والمعتبر خفاء صورة الجدار لا شبحه وسماع صوت الأذان وإن لم يميز فصوله ويعتبر فيهما الحاسة المعتدلة كما يعتبر الصوت والبناء المعتدلان فلا عبرة بروية أعلام البلد كالمناير والقباب والقلاع ولا بالأذان المفرط في العلو ولا بخفا المنخفضين والتمثيل بالأذان لأنه أبلغ الأصوات غالبا فيقوم مقامه الصوت العالي ويقدر البلد المرتفعة و المنخفضة معتدلة ويعتبر آخر الجدران والأذان ما لم تتسع الخطة بحيث تخرج عن العادة فتعتبر المحلة وآذانها وحلة البدوي كالبلد بالنسبة إلى الأذان أما الجدران فيحتمل تقدير بيته لو كان جدارا واعتبار رؤيته لقيامه مقامه وهو أي خفاء الامرين نهاية التقصير بمعنى أنه يمتد عائد إلى أن يدرك أحدهما فيزول حكمه ويصير كالمقيم على المشهور لصحيحة عبد الله بن سنان السالفة ولأن اعتبار ذلك في الخروج إنما هو لكون ما دون هذا القدر في حكم
(٣٩٢)