على الغالب فلا يشترط فيها إمكان الحيض فالصغيرة واليائسة يمكن فيهما الاستحاضة دون الحيض والأكثر إطلاق والاستحاضة على كل دم يخرج من الرحم وليس بحيض ولا نفاس ولا قرح ولا جرح سواء اتصل بالحيض كالمتجاوز لأكثره أم لا كالذي تراه الصغيرة فإنه وإن لم يوجب الاحكام في الحال لكن عند البلوغ يجب عليها الغسل أو الوضوء لان الاحداث من قبيل الأسباب التي هي من باب خطاب الوضع ولا يشترط فيها التكليف وقد يتخلف المسبب عن السبب لفقد شرط وقد يتعلق به في الحال أحكام الاستحاضة كنزح الجميع به وغسل الثوب من قليله وكثيره وربما خص اسم الاستحاضة بالدم المتصل بدم الحيض ويسمى ما عدا ذلك دم فساد لكن الاحكام فيهما لا تختلف والمصنف جرى هنا على المشهور فقال دم الاستحاضة في الأغلب أصفر بارد رقيق يخرج من الرحم بفتور وضعف لا بدفع فهو يقابل الحيض في أوصافه غالبا وقيد بالأغلب لأنه قد يكون بهذه الصفة حيضا وقد يكون بصفة الحيض استحاضة كما تقدم والخارج الناقص عن ثلاثة أيام متوالية مما ليس بقرح ولا جرح والزائد عن أيام العادة مع تجاوز العشرة والزائد عن أيام النفاس وسيأتي بيانها والخارج مع سن اليأس استحاضة خبر الجميع وقيد في العادة بتجاوز العشرة لان الدم لو انقطع على العاشر كان الجميع حيضا وقد تقدم وجه ذلك كله في الحيض ثم دم الاستحاضة ينقسم بحسب كثرته وتوسطه وقلته إلى ثلاثة أقسام لأنه أما أن يكون بحيث إذا وضعت الكرسف يظهر عليه من داخل الفرج ولا يثقبه إلى خارجه أو يثقبه ولا يسيل عنه أو يسيل فهذه ثلاثة أقسام يختلف الاحكام فيها فيجب على المستحاضة وضع القطنة واعتبار حالها وإن كان الدم لا يغمس القطنة أي لا يثقبها إلى خارج وإن دخل في باطنها كثيرا وجب عليها ثلاثة أشياء الوضوء لكل صلاة لأنه في هذه الحالة حدث أصغر وتغيير القطنة لما سيأتي من عدم العفو عن هذا الدم في الصلاة قليله وكثيره وللإجماع كما نقله المصنف في المنتهى وهذا بخلاف السلس والمبطون والمجروح لعدم وجوب ذلك عليهم وإن كان أحوط تقليلا للنجاسة والفرق ورود النص على المستحاضة دونهم كما ذكره المصنف ويمكن الفرق بالاجماع المذكور عليها دونهم وغسل ما ظهر من الفرج وهو ما يبدو منه عند الجلوس على القدمين إن أصابه الدم وهذا هو المشهور في هذا القسم ومستنده أخبار كثيرة دلت على الوضوء دون الغسل وفيه قولان آخران أحدهما قول ابن أبي عقيل وهو أنها لا يجب عليها وضوء في هذه الحالة ولا غسل استنادا إلى ظاهر رواية عبد الله بن سنان عن الصادق عليه السلام حيث لم يذكر فيها الوضوء لكن ذكره في غيره من الاخبار كاف في الدلالة ويجب حمل المطلق على المقيد والثاني قول ابن الجنيد وهو وجوب غسل واحد هنا لليوم والليلة استنادا إلى رواية سماعة وهي لا تدل على مطلوبه صريحا بل هي أعم منه فيحمل على ثقب الدم الكرسف وهي الحالة الوسطى جمعا بينها وبين غيرها وإن غمسها ظاهرا وباطنا وجب عليها مع ذلك المذكور في القسم الأول شيئان آخران أحدهما تغيير الخرقة أو غسلها إن كانت و أصابها الدم وإلا فلا والثاني الغسل لصلاة الغداة فيجب عليها خمسه أشياء على المشهور وابن أبي عقيل على أصله المتقدم من عدم إيجاب الوضوء وإن وجب الغسل وأوجب هو وابن الجنيد هنا الأغسال الثلاثة واختاره المحقق في المعتبر والمصنف في المنتهى وأكثر الأخبار الصحيحة تدل على ذلك كصحيحة معوية بن عمار عن الصادق عليه السلام إذا ثقب الكرسف اغتسلت للظهرين تؤخر هذه وتعجل هذه وللعشائين كذلك وتغتسل للصبح وصحيحة زرارة عن الباقر عليه السلام تصلى كل صلاة بوضوء ما لم ينفذ الدم فإذا نفذ اغتسلت وصلت وحملها على النفوذ المشتمل على السيلان إنما يتم لو دل على الغسل الواحد للحالة المتوسطة خبر صحيح ولم يوجد من الاخبار المفيدة لذلك إلا موقوف سماعة قال المستحاضة إذا ثقب الكرسف اغتسلت الثلاثة وإن لم يجز الدم الكرسف فالغسل لكل يوم مرة وقريب منه موقوف زرارة الآتي وفي دلالتهما مع تسليمهما
(٨٣)