فإنما هو لضرورة التعبير عنه ولا يجب الجمع بين الوجوب المميز والمجعول غاية كما في النية المشهورة المراد فيها عما ذكرناه قوله لوجوبه قبل القربة بل يكفي الوجوب المميز عن الغائي دون العكس وأما القربة فهي الغاية الحقيقية للفعل فلا يحتاج معه إلى غاية أخرى وإن كان الجمع بينهما أحوط موافقة للمشهور ورعاية لما يقوله المتكلمون من أنه يجب فعل الواجب لوجوبه أو لوجه وجوبه من الشكر والامر واللطف ومع ذلك فقد استشكل بعضهم إعراب الألفاظ المشهورة المعدة لها من حيث إن اللام في لوجوبه للتعليل بالعلة الغائية وقربة منصوب على المفعول له فيتعدد المفعول له من غير توسط حرف العطف وذلك ممتنع إذ لا يقال جئتك رهبة رغبة ونحوه واعتذر بعضهم عنه بان الوجوب غاية لما قبله والتقرب غاية للوجوب فتعدد الغاية بحسب تعدد المعنى فاستغنى عن الواو وهو عذر فاسد فإن القربة إنما هي غاية الفعل المتعبد به لأنه انما فعل لأجلها لا الوجوب وأيضا فشرط المفعول له كونه فعلا لفاعل الفعل المعلل به وفاعل القربة هو المكلف وليس هو فاعل الوجوب المعلل بالقربة بل فاعل الوجوب هو الله تعالى وإنما المكلف فاعل الواجب وأحدهما غير الاخر فلا تكون القربة إلا غاية للفعل وفاعلهما واحد وهو المكلف والحق منع تعدد المفعول لأجله هنا لان المجرور باللام ليس مفعولا لأجله كما لا يخفى ولو سلم منعنا وجوب توسط حرف العطف لفظا بل حذفه جائز اقتراحا قاعدة مطردة كما نقله ابن هشام في المغنى وجعل منه قول الخطيئة إن امرءا رهطه بالشام منزله برمل بئرين جار شذ ما اغتربا أي ومنزله برمل بئرين وحكى عن أبي زيد أكلت خبزا لحما تمرا بتقدير الواو قال وحكى أبو الحسن إعطه درهما درهمين ثلاثة بإضمار أو وخرج على ذلك قوله تعالى وجوه يومئذ ناعمة عطفا على وجوه يومئذ خاشعة وقوله إن الدين عند الله الاسلام فيمن فتح الهمزة عطفا على أنه لا إله إلا هو وقوله تعالى ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد أي وقلت لان الجواب تولوا وهذه الشواهد تحتمل وجوها من الاعراب غير تقدير العطف ولما كان النية عبارة عن القصد إلى الأمور الأربعة على الوجه المذكور وجب إيقاعها عند أول جزء من التكبير بمعنى أن يكون القصد إلى فعل الصلاة بمشخصاتها معنى بالقربة مقارنا لأول التكبير بحيث لا يتخلل بينهما زمان وإن قل لان المأتي به لا كذلك عزم لا نية وهل يجب مع ذلك استحضارها فعلا إلى آخر التكبير قيل نعم وهو اختيار الشهيد لان الدخول في الصلاة إنما يتحقق بتمام التكبير بدليل إن المتيمم لو وجد الماء قبل تمامه وجب عليه استعماله بخلاف ما لو وجده بعد الاكمال والمقارنة معتبرة في النية فلا يتحقق بدونه ورد بأن آخر التكبير كاشف عن الدخول في الصلاة من أوله وإلا لم يكن ا لتكبير جزءا وهو باطل واعتبار تمامه في تحقق الدخول من حيث أن التحريم إنما يكون بالمجموع لظاهر قوله صلى الله عليه وآله وتحريمها التكبير فإذا قارنت النية أوله فقد قارنت أول الصلاة لان جزء الجزء جزء وهذا هو الأجود وهو ظاهر اختيار المصنف ولا يجب استحضارها فعلا بعد التكبير إجماعا بل ولا يستحب لان ذلك متعذر أو متعسر إذ الانسان لا يكاد ينفك من الذهول نعم يجب استمرارها حكما إلى الفراغ من الصلاة بمعنى عدم إحداث ما ينافي الصلاة كالكلام والأفعال الخارجة والرياء ولو ببعض الأفعال فلو نوى الخروج من الصلاة مطلقا أو في الحال أو ثانيه أو الرياء ببعضها أو نوى ببعض إفعال الصلاة غير الصلاة كما لو نوى بالركوع تعظيم شخص أو قتل حية أو قصد الامرين معا بطلت لمعارضة ذلك للنية الأولى ومنافاته لها فلا يبقى المكلف آتيا بالمأمور به على وجهه فيبقى في عهدة التكليف ولأن إرادتي الضدين متنافيتان فما ظنك بمعارضة النية الطارية للاستدامة الحكمية الضعيفة ومقتضى إطلاق نية الخروج من الصلاة عدم الفرق بين ما لو أطلق أو قيده بالحال أو في ثانيه والحكم في الكل
(٢٥٧)