ما يقع في الخلد وقت التصنيف النظر الأول في أقسامها وهي أي الطهارة منقسمة انقسام الكلى إلى جزئياته لا الكل إلى أجزائه إلى ثلاثة أنواع وضوء وغسل وتيمم ولما كان هذا الكلى لا وجود له في الخارج إلا في ضمن جزئياته صدق على كل جزئي من الثلاثة أنه طهارة وينساق إلى هذا ونظائره شك لطيف وهو أن الانقسام لازم لمطلق الطهارة وهو لازم لكل واحد من أقسامها فيلزم أن يكون الانقسام لازما لكل واحد من أقسامها ويلزم منه انقسام الشئ إلى نفسه ومباينه أو مساواة الجزئي لكليه وكلاهما فرض محال وجوابه أن المنقسم إلى الثلاثة هو الطهارة المطلقة أي مقيدة بقيد العموم لا مطلق الطهارة وفرق بين الصيغتين فإن الطهارة من حيث أنها عام موصوفة بالانقسام كما أن الحيوان من حيث أنه عام موصوف بالجنسية وهي قسم من المطلق وما هو ملزوم للانقسام ليس هو مطلق الطهارة بل الطهارة المطلقة وفيه بحث أو نقول الانقسام المذكور لازم للطهارة بحسب وجودها الذهني وهي لازمة لأقسامها من حيث حصولها العيني لا من تلك الحيثية ولازم الشئ باعتبار لا يلزم أن يكون لازما لملزومه باعتبار آخر كالكلية اللازمة لمفهوم الحيوان اللازم أزيد مثلا واعلم أن الظاهر من هذا الانقسام أن مقولية الطهارة على أنواعها الثلاثة بطريق الحقيقة لا بالمجاز ولا ريب في ذلك بالنسبة إلى المائية ويؤيده بالنسبة إلى الترابية قوله الصعيد طهور المسلم وجعلت لي الأرض مسجدا وترابها طهورا إلى غير ذلك من الأحاديث الدالة على إطلاق الطهارة على التيمم لان السياق لإباحة الصلاة بالنسبة إلى الحدث ولصدق التعريفات بأسرها عليه ثم على تقدير الحقيقة فهل تلك المقولية بطريق الاشتراك اللفظي أو التواطؤ أو التشكيك الظاهر انتفاء الأول لاشتراك الثلاثة في معنى مشترك بينهما وهو صلاحية الإباحة للصلاة ولو بالقوة القريبة على ما تقرر وهو ينفى الاشتراك ومحتمل الاشتراك ينظر إلى اختلاف ذاتي المائية والترابية فهي كالعين وهو ضعيف إذ لا جامع لافراد العين غير اللفظ بخلافه هنا نعم يقع الشك بين الأخيرين لاشتراكهما في هذا الوجه وليس ببعيد مقوليتها على الثلاثة بالتشكيك وعلى الوضوء والغسل بالتواطؤ فإن إطلاقها على المائية أقوى من الترابية وفرد المائية متساويان وتظهر فائدة الخلاف في نذر الطهارة وسيأتي كل منها إلى الثلاثة التي هي الوضوء والغسل والتيمم واجب أما بأصل الشرع أو بالعرض كالنذر وشبهه وندب بالأصالة أو بالعرض أيضا فالأقسام أربعة ويخرج من ضربها في الأنواع الثلاثة اثنا عشر قسما ذكر المصنف ره منها تسعة الواجبة بأصل الشرع والعارض والثلاثة المندوبة بأصل الشرع وستراها مفصلة وبقي ثلاثة أقسام وهي المندوب من الثلاثة بسبب من المكلف وذلك حيث يكون أحدها متعلقا بما يستحب الوفاء به كالنذر المنوي غير المتلفظ به فالوضوء يجب بأصل الشرع للصلاة والطواف الواجبين أما للصلاة فلقوله تعالى إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا ولقوله لا صلاة إلا بطهور وللإجماع ويلحق بالصلاة أجزاؤها المقضية منفردة كالسجدة والتشهد وسجود السهو و الاحتياط إن لم نجعله صلاة مستقلة لا سجود التلاوة وأما للطواف فلقوله صلى الله عليه وآله الطواف بالبيت صلاة فيشترط فيه ما يشترط فيها إلا ما أخرجه الدليل ويجب الوضوء أيضا بالأصالة لمس كتابة القرآن إن وجب المس بنذر وشبهه على الأصح من توقف المس على الطهارة للآية والضابط في وجوب الوضوء ما كانت غايته واجبة ولما كان الصلاة والطواف واجبين بأصل الشرع جعل الوجوب معهما وصفا ولما لم يجب المس بالأصل جعل الوجوب فيه شرطا وربما أعيد ضمير وجب إلى الوضوء إشارة إلى الخلاف في وجوب
(١٤)