حكمية بالنسبة إلى تنجيس الملاقي لها مطلقا ويدل عليه أيضا ما تقدم من خبر الحلبي وإبراهيم بن ميمون عن الصادق عليه السلام حيث دلا على نجاسة الثوب الملاقي لبدن الميت من غير تقييد بالرطوبة وعدمها وأما حكم الميت من غير الناس مما له نفس فإن نجاسته تتعدى مع الرطوبة قطعا لما مر أما مع عدمها فكذلك عند المصنف ومن ثم أطلق الحكم هنا لاطلاق قول الصادق عليه السلام ولكن يغسل يده ويحتمل العدم كباقي النجاسات وهو اختيار الشهيد رحمه الله وفي حكم هذين الامرين مس الميت قبل البرد فإنه يوجب غسل ما مسه به خاصة عند المصنف مطلقا وقد تقدم تحقيقه واعلم أن الذي استفيد من الاخبار واختاره جماعة من الأصحاب أن نجاسة الميت عينية من وجه حكمية من آخر أما الأول فلحكمهم تبعيتها إلى غيرها كما دل عليه إطلاق الاخبار كخبر الحلبي وإبراهيم بن ميمون والحكمية الحدثية ليست كذلك وأما كونها حكمية من وجه فلزوالها بالغسل وافتقاره إلى النية كالجنابة وغيرها وأما حكم المنتقلة منها إلى اللامس فإن كان مع الرطوبة فهي عينية محضة فلو لمس اللامس له برطوبة آخر برطوبة نجس أيضا وهلم جرا وخلاف ابن إدريس في ذلك ضعيف وإن كان مع اليبوسة فقيل هي حكمية محضة أي محكوم بوجوب تطهير اللامس ولا يتعدى النجاسة إلى غيره فلو مسه بغير رطوبة ثم مس رطبا لم ينجس الثاني وهو اختيار المصنف في القواعد وفيه نظر لاطلاق النصوص المتقدمة بوجوب غسل الملاقي لبدن الميت وما ذاك إلا لنجاسته ومن حكم النجس تنجيسه لغيره مع ملاقاته له برطوبة فالظاهر حينئذ كون نجاسة اللامس له مطلقا عينية محضة فينجس الملاقي لها (له خ ل) مع الرطوبة ويعتبر في إزالتها ما يعتبر في إزالة العينية النظر الرابع في أسباب التيمم المسوغة له وكيفيته وهي بيان أفعاله على وجه التفصيل وقوله يجب التيمم لما تجب له الطهارتان ليس من الأسباب والكيفية وإنما ذكره استطرادا وقد تقدم الكلام عليه في أول الكتاب في باب بيان أقسام الطهارة وهذه العبارة أجود مما تقدم هناك في قوله والتيمم يجب للصلاة والطواف إلخ والمندوب ما عداه لاستلزام ما تقدم كون التيمم للبث في المساجد مع الاحتياج إليه وللصوم مع تعذر الغسل ولمس خط المصحف كذلك مندوبا بخلاف قوله هنا بل هو كالمنافي لما تقدم لكن لا مشاحة في اللفظ مع الاتفاق على المعنى وإنما يجب التيمم عند العجز عن الماء فمسوغه في الأصل شئ واحد للآية لكن للعجز أسباب فقد الماء بأن لا يوجد مع طلبه على الوجه المعتبر وسيأتي بيانه أو الخوف على النفس أو المال من استعماله مع وجوده المعبر عنه بقوله أو تعذر استعماله للمرض أي لحصول مرض مانع من استعمال الماء بأن يخاف زيادته أو بطؤ برئه أو عسر علاجه أو لخوف حصول المرض بسبب الاستعمال وإن لم يكن موجودا حال الاستعمال ولا فرق في ذلك بين المرض العام لجميع البدن والمختص بعضو ولو كان المرض يسيرا بحيث يتحمل مثله عادة كالصداع ووجع الضرس فظاهر العبارة عدم جواز التيمم لعدم التعذر عادة وصرح به في غير هذا الكتاب وفي النهاية علق الجواز على مطلق المرض وهو ظاهر اختيار الذكرى محتجا بالعسر والحرج وبنفي الضرر في الخبر مع أنه لا وثوق في المرض بالوقوف على الحد اليسير ولأن ضرر ما ذكر أشد من ضرر الشين وقد أطبقوا على جواز التيمم لخوفه وفي حكم المرض وخوفه العجز عن الحركة التي يحتاج إليها في تحصيل الماء لكبر أو مرض أو ضعف قوة فيباح له التيمم إلا أن يجد معاونا ولو بأجرة مقدورة وكذا العجز بسبب ضيق الوقت بحيث لا يدرك منه بعد الطهارة قدر ركعة فإنه يتيمم وإن قدر على الماء بعد الوقت خلافا للمحقق رحمه الله ولو أمكن زوال الضرر بالاسخان وتمكن منه ولو بعوض مقدور وإن كثر لم يجز التيمم ولا فرق في ذلك بين متعمد الجنابة وغيره على الأشبه لاطلاق النصوص ونفى الضرر خلافا للمفيد وجماعة حيث ذهبوا إلى عدم جواز التيمم حينئذ وإن خاف على نفسه وللشيخ في النهاية حيث جوزه عند خوف التلف وأوجب الإعادة
(١١٦)