ولأن المصنف نقل في التذكرة الاجماع على أن الغسل لا يجزى عن المسح ولا شك أن الماء الجاري على العضو على ذلك الوجه غسل فلا يجزى إجماعا ولا اعتبار بعدم نية الغسل به لان الاسم تابع للحقيقة لا للنية وتظهر الفائدة فيما لو مسح على العضو الممسوح ببلل كثير بحيث جرى عليه فعلى الأول يجزى دون الثاني وممن صرح بالاجزاء الشهيد رحمه الله في الذكرى قال فيها ولا يقدح إكثار الماء لأجل المسح لأنه من بلل الوضوء وكذا لو مسح بماء جار على العضو وإن أفرط الجريان لصدق الامتثال ولأن الغسل غير مقصود وفي تحقق الامتثال ما مر من المنع وعدم قصد الغسل مع وجوده لا يخرجه عن كونه غسلا فالمتجه حينئذ عدم الاجزاء ويستحب المسح مقبلا تفصيا من الخلاف فيحصل القطع برفع الحدث معه وليس بواجب على الأصح خلافا للأكثر لاطلاق الآية والاخبار ولصحيحة حماد بن عثمن عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا بأس بمسح الوضوء مقبلا ومدبرا وما تقدم من الاستدلال (بالوضوء البياني صح) من أنه أن كان عليه السلام مسح رأسه منكوسا تعين ذلك لكن الاجماع على خلافه بل غايته الجواز فدل على مسحه مقبلا فيجب يندفع هنا بدليل خارجي وهو الخبر المتقدم وحاصله أنه حجة فيما لا يثبت خلافه لاشتماله على مقطوع بعدم وجوبه والعجب أن المرتضى رحمه الله منع من استقبال الشعر هنا مع تجويزه الاستقبال في الوجه واليدين محتجا هنا بتوقف القطع برفع الحدث عليه ولا يجوز المسح على حائل كعمامة وغيرها ولو حناء وما ورد من نفى البأس عنه محمول على أثره وهو اللون لإفادة الباء في الآية الالصاق مع التبعيض إذ لا منافاة فلا يخرج عن العهدة بدونه لقول الصادق عليه السلام حين سئل عن رجل يتوضأ و ثقل عليه نزع العمامة قال يدخل أصبعه ويجب مسح بشرة الرجلين بإجماعنا وتواتر الاخبار به عن أئمتنا عليهم السلام وروى عن النبي صلى الله عليه وآله من طريق العامة في جملة أخبار ولقوله تعالى وامسحوا برؤسكم وأرجلكم بالجر عطفا على الرؤس لفظا وبالنصب على المحل لان الرؤس في محل نصب بامسحوا وهو أولى من عطف الأرجل على تقدير النصب على الأيدي للقرب والفصل والايهام المخل بالفصاحة من الانتقال من جملة إلى أخرى قبل إكمالها كقولك ضربت زيدا وعمروا وأكرمت خالدا وبكرا ويجعل بكرا معطوفا على زيد وعمرو المضروبين وحمل الجر في الأرجل على المجاورة للمجرور كقوله تعالى عذاب يوم اليم وقراءة حمزة وحور عين إذ ليس معطوفا على لحم طير لعدم كون الحور مطوفا بهن ضعيف لانكار أكثر أهل العربية الجر بالمجاورة فيضعف جدا إن لم يمنع ولا يليق بكتاب الله مع أنه مشروط عند مجوزه بعدم الالتباس وعدم العطف وهما مفقودان هنا وما ورد مما يوهم خلاف الشرطين مقرر على وجه يدفع التوهم وجر اليم لا يلبسه بيوم وحور عين مجرور عطفا على جنات أي المقربون في جنات ومصاحبة حور عين لمنع الجواز ( الجوار صح) مع العطف بالواو واعلم أنه يستفاد من قوله بشرة الرجلين مع قوله في الرأس كذلك أو شعره المختص أنه لا يجزى المسح على الشعر في الرجلين بل يتحتم البشرة والامر فيه كذلك بأقل اسمه كما تقدم في مسح الرأس لعطف الأرجل على الرؤس فشاركه في الحكم إلا أنه لا خلاف هنا في أجزاء المسمى كما ذكره المحقق في المعتبر وحده من رؤس الأصابع إلى الكعبين ولا بد من إدخال جزء من الحدين لعدم المفصل المحسوس كنظائره وهما أي الكعبان مجمع القدم وأصل الساق على المختار عند المصنف وتبعه الشهيد رحمه الله في الألفية والمقداد في الكنز مع أن الشهيد رحمه الله في الذكرى ادعى إجماعنا وكثير ممن خالفنا كسائر الحنفية وبعض الشافعية على إنهما قبتا القدم عند معقد الشراك ولاشتقاقه من قولهم كعب إذا ارتفع ومنه كعب ثدي الجارية إذا علا قال قد كعب الثدي على نحرها في مشرف ذي صبح نائر فهو بالاشتقاق أنسب وكذلك المحقق في المعتبر ادعى أيضا اجماع فقهاء أهل البيت عليهم السلام على ذلك وللنقل المتواتر عن أهل البيت عليهم السلام كما روى عن أبي جعفر عليه
(٣٥)