والنهى في العبادة يدل على الفساد وفي توجيه النطر من الجانبين نطر أما الأول فلمنع كلية الكبرى المطوية لأنها محل النزاع ولانتقاضها بمن تطهر بما ذكر مع يقين الضرر لمرض ونحوه وأما الثاني فلما تحقق في الأصول من أن الامر بالشئ إنما يستلزم النهى عن ضده العام وهو مطلق الترك لا الأضداد الخاصة فلا يتم الدليل وعلى كل حال فالوجه عدم الاجزاء لعدم الاتيان بالمأمور به على وجهه فلم يتحقق الاجزاء كما تحقق في الأصول واستقرب المصنف في التذكرة الاجزاء إن جوز وجود المزيل في الوقت وإلا فلا ولا يصح التيمم إلا بالأرض لقوله تعالى فتيمموا صعيدا وقول الصادق عليه السلام إنما هو الماء والصعيد وإنما للحصر والصعيد عندنا هو وجه الأرض وهو أحد التفسيرين ونقل عن جماعة من أهل اللغة ذكر ذلك الخليل وتغلب عن ابن الأعرابي ويدل عليه قوله تعالى فتصبح صعيدا زلقا أي أرضا ملسه (ملساء صح) مزلقة فيتناول جميع أصنافها كالتراب وإن كان نديا والحجر بأنواعه والمدر وأرض النورة وأرض الجص قبل إحراقهما لوقوع اسم الأرض عليهما حينئذ وإن كانا قد يؤولان إلى المعدن لعدم تناول المعدن لهما قبله ومنع ابن إدريس منهما لكونهما معدنا وشرط في النهاية في جواز التيمم بهما فقد التراب وهما ضعيفان أما بعد الاحراق فلا يجوز للاستحالة خلافا للمرتضى وتراب القبر الملاصق للميت وإن تكرر النبش لأنه أرض والأصل عدم مخالطتها شيئا من النجاسات نعم لو علم ذلك كما لو كان الميت نجس العين لم يخبر ولا يضر اختلاطه باللحم والعظم الطاهرين بالغسل مع استهلاله لهما وأما تراب القبر الذي لا يلاصق الميت فإنه وان جاز التيمم عليه لكن لا وجه لتخصيصه بالذكر في سياق أنواع الأرض والمستعمل لبقاء الاسم وعدم رفع التيمم الحدث والمراد به الممسوح به أو المتساقط عن محل الضرب بنفسه أو بالنفض لا المضروب عليه إجماعا بل هو كالماء المغترف منه ولا يصح التيمم بالمعادن كالكحل والزرنيخ وتراب الحديد ونحوها لعدم وقوع اسم الأرض عليها والرماد سواء كان رماد الخشب أم التراب لعدم تسميته أرضا واستقرب المصنف في النهاية جوازه برد ما الأرض والأشنان بضم الهمزة والدقيق لعدم التسمية كذلك والمغصوب للنهي عن استعماله المقتضى للفساد في العبادة والمراد به ما ليس بمباح ولا مملوك ولا مأذون فيه صريحا أو ضمنا كالمأذون في التصرف فيه أو فحوى كالمأذون في دخوله وجلوسه ونحوهما عموما أو خصوصا أو شاهد الحال كالصحارى المملوكة حيث لا ضرر على المالك ومثله جدار الغير من خارج حيث لا يتوجه عليه ضرر كذلك نعم لو ظن الكراهة أو صرح بها المالك امتنع ويتحقق النهى عن المغصوب مع الاختيار قطعا أما لو حبس المكلف في مكان مغصوب ولم يجد ماء مباحا أو وجد ولزم من استعماله إضرار بالمكان فهل يجوز التيمم بترابه الطاهر مع عدم وجود غيره كما يجوز الصلاة فيه لخروجه بالاكراه عن النهى فصارت الأكوان مباحة لامتناع التكليف بما لا يطاق أم لا يجوز لافتقاره إلى تصرف في المغصوب زائد على أصل الكون وجهان وهذا بخلاف الطهارة بالماء المغصوب لأنه يتضمن إتلافا غير مأذون فيه ولا تدعو إليه ضرورة نعم لو ربط في ماء مغصوب وتعذر عليه الخروج ولم يلزم من الاغتسال به زيادة إتلاف أمكن تمشى الوجهين والنجس لقوله تعالى فتيمموا صعيدا طيبا قال المفسرون معناه الطاهر ولقوله صلى الله عليه وآله وترابها طهورا والنجس لا يعقل كونه مطهرا لغيره ويجوز التيمم بالوحل مع عدم التراب والمراد عدم إمكان تجفيفه وجمعه في مكان ثم الضرب عليه إذ لو قدر على ذلك لم يفرض عدم التراب لأنه تراب حقيقة لكن على تقدير عدم إمكان تجفيفه إنما يجوز التيمم به مع فقد الغبار على الثوب ونظائره فكان ينبغي تأخيره عنها كما ورد في الاخبار عن الصادق عليه السلام ويشترط في الوحل كون أصله مما يصح التيمم عليه وإلا لم يخبر التيمم به مطلقا صرح به المصنف في النهاية وكذا يجوز التيمم بالحجر معه أي مع وجود التراب
(١٢٠)