قد نفى ما زاد على ثلاثة أقوال بقي هنا شئ ينبغي التنبه له وهو إن المصنف عطف بعد سواء بأو في قوله سواء تغير بالنجاسة أو لا وقد أكثر من استعمال ذلك في كتبه كغيره من الفقهاء وقد منع منه جماعة من محققي العربية من المتقدمين والمتأخرين وحجتهم في ذلك إن أو تقتضي أحد الشيئين أو الأشياء والتسوية تقتضي نفس الشيئين أو الأشياء والأجود العطف بأم المتصلة التي ما قبلها وما بعدها لا يستغني بأحدهما عن الاخر قال تعالى سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم سواء علينا أجزعنا أم صبرنا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون وقال أبو على الفارسي لا يجوز أو بعد سواء فلا يقال سواء على قمت أو قعدت لأنه يكون المعنى سواء على أحدهما وذا لا يجوز لان التسوية تقتضي شيئين فصاعدا وقال ابن هشام في المغنى قد أولع الفقهاء وغيرهم بأن يقولوا سواء كان كذا أو كذا وهو وهو نظير قولهم يجب أقل الامرين من كذا أو كذا والصواب العطف في الأول بأم وفى الثاني بالواو ثم نقل عن الصحاح سواء علي قمت أو قعدت قال وهو سهو ونقل عن الهذلي إن ابن محيص قرأ من طريق الزعفراني أو لم تنذرهم وحكم عليه بأنه من الشذوذ بمكان والظاهر من المصنف أنه يختار ما نقله صاحب الصحاح من جواز ذلك وقد وافقه عليه بعض أهل العربية وظاهر الشيخ الرضى رحمه الله اختيار ذلك حيث قال بعد نقل كلام الفارسي وحجته بأن أو يقتضى أحد الشيئين ويرد عليه أن معنى أم أيضا أحد الشيئين أو الأشياء فيكون معنى سواء على قمت أو قعدت سواء على أيهما فعلت أي الذي فعلت من الامرين وهذا أيضا ظاهر الفساد قال وإنما لزمه ذلك في أو وأم لأنه جعل سواء خبرا مقدما وما بعده مبتدأ والوجه إن سواء خبر مبتدأ محذوف أي الأمران سواء ثم بين الامرين بقوله قمت أو (أم خ ل) قعدت والجملة سادة مسد جواب الشرط الذي لا شك في تضمن الفعل بعد سواء وما أبالي معناه إلا ترى إلى أفاد الماضي في مثله معنى المستقبل وما ذاك إلا لتضمن معنى الشرط انتهى كلام الرضى وفرق السيرافي في شرح كتاب سيبويه بين ما لو دخلت همزة التسوية بعد سواء ولم تدخل فجوز أو على الثاني دون الأول فقال سواء إذا دخلت بعدها ألف الاستفهام لزمت أم بعدها كقولك سواء على أقمت أم قعدت وإن كان بعد سواء فعل بغير استفهام جاز عطف أحدهما على الاخر بأو كقولك سواء على قمت أو قعدت انتهى وكلام المصنف جار على القسم الثاني والآيات الشريفة على الأول فقد تلخص في المسألة ثلاثة أقوال المنع مطلقا والجواز مطلقا والتفصيل وإنما أطنبنا القول في ذلك لكثرة جريانه وشدة الحاجة إليه وعدم اشتهار ما حررناه من الخلاف ثم عد إلى عبارة الكتاب واعلم إن المستعمل في إزالة الخبث نجس إلا ماء الاستنجاء من الحدثين فإنه طاهر إجماعا كما نقله المصنف في المنتهى وفى المعتبر هو عفو وقربه في الذكرى وتظهر الفائدة في استعماله ثانيا فيجوز الأول دون الثاني والأصل فيه حكم الصادق عليه السلام بعدم نجاسة الثوب الملاقي له وهو يستلزم الطهارة ولأن في الحكم بنجاسته حرجا ومشقة لعموم البلوى به وكثرة تكرره ودورانه بخلاف باقي النجاسات والاجماع الذي ادعاه المصنف كاف أيضا ولا فرق بين المخرجين ولا بين المتعدى وغيره إلا أن يتفاحش بحيث يخرج عن مسمى الاستنجاء ولا بين الطبيعي وغيره إذا صار معتادا لاطلاق الحكم لكن يشترط لطهارته أمور دل على اشتراطها أدلة أخر أشار بعضها بقوله ما لم يتغير بالنجاسة أو يقع على نجاسة خارجة عن حقيقته كالدم المستصحب له أو عن محله وإن لم يخرج عن الحقيقة كالحدث الملقى على الأرض وغيره من النجاسات ولا يحتاج إلى تنقيح المحل بجعل عدم استصحابه لنجاسة أخرى شرطا (ثانيا؟) يشترط زيادة على ما ذكر إن لا ينفصل مع الماء أجزاء من النجاسة متميزة لأنها كالنجاسة الخارجة يتنجس الماء بها
(١٦٠)