تأكيد الندب إذ الواجب والندب يشتركان في الاذن في الفعل وينفصل الواجب عنه بالمنع من الترك ونية هذا القدر مع كون الفعل مشروعا في نفسه غير مؤثر ويضعف بأنه تأكيد للشئ بما ينافيه إذ الوجوب والندب متباينان تباينا كليا كما إن متعلقاهما كذلك فيمتنع قيام أحدهما مقام الاخر وأصل الرجحان الذي هو جنس لهما إنما يتقوم بفصله وهو المنع من الترك ليصير واجبا أو عدمه ليصير مندوبا ويمتنع قيام الجنس بدون فصله وأورد بأن النية إنما تؤثر في الشئ القابل لمتعلقها وما جعله الشارع ندبا يستحيل وقوعه واجبا فكان الناوي نوى المحال فلا تؤثر نيته كما لو نوى الصعود إلى السماء ويجاب بأن المانع قصد ذلك وتصويره بصورة الواجب وإن لم يكن كذلك شرعا ولو كان المعتبر من ذلك ما يطابق مراد الشارع لم يتصور زيادة الواجب فإن المكلف إذا أتى به لم يتصور كون ما يأتي على صورته واجبا واعلم إن المعتبر في الفعل الكثير هنا مجموع ما نوى به الوجوب لا القدر الزائد على المندوب فلو نوى بجلسة الاستراحة الوجوب لم يستثن منه مسمى الجلوس واعتبار الكثرة في الباقي وعدمها لوقوع المجموع غير مشروع باعتبار النية فلا يصرف منه إلى الاستراحة المشروعة شئ لتنافي الوجه واحتمل الشهيد في بعض تحقيقاته تخصيص الحكم بالزائد فلا تبطل إلا أن يكون الزائد كثيرا وهو غير واضح فإن الزائد خارج عن محل الفرض إذ لا يوصف بالندب و إنما الكلام عما يمكن صرفه إلى جلسة الاستراحة مثلا ليتحقق كونه مندوبا وقع على غير وجهه وهو موضع المسألة إذا تقرر ذلك فالواجب من الصلاة اليومية سبعة بناء على عدم وجوب التسليم الأول القيام وقدمه على النية لكونه من جملة شروطها والشرط مقدم على المشروط ومن قدمها عليه نظر إلى أنه لا يجب حتما إلا بعد النية و التكبير فيكونان شرطا في وجوبه ليتمحض جزءا من الصلاة إذ هو قبل تمامها غير واجب حتما بل يجوز تركه إلا لعارض كضيق وقت ونحوه وهو أي القيام ركن في الصلاة والركن لغة الجزء الأقوى وشرعا كذلك إلا أن الركن في الصلاة عند أصحابنا ما تبطل الصلاة لو أخل به سواء كان الاخلال عمدا أو سهوا وكذا بزيادته إلا ما يستثنى وإنما يكون ركنا مع القدرة عليه أما مع العجز عنه فالركن بدله كالجلوس والاضطجاع فتبطل الصلاة أيضا بتركهما كذلك وعلى وجوب القيام وركنيته إجماع المسلمين نقله المصنف في المنتهى واعلم أن إطلاق القول بركنية القيام بحيث تبطل الصلاة بزيادته ونقصانه سهوا لا يتم لان القيام في موضع قعود وعكسه سهوا غير مبطل اتفاقا بل التحقيق إن القيام ليس بجميع أقسامه ركنا بل هو على أنحاء القيام المتقدم على النية بيسير ليتحقق وقوعها بأجمعها في حالة القيام موصوف بالشرطية لتقدمه على الصلاة واعتباره فيها والقيام في النية متردد بين الشرط والجزء كحال النية والقيام في التكبير تابع له في الركنية والقيام في القراءة من حيث هو قيام فيها كالقراءة واجب غير ركن وإن كان من حيث إمكان دخوله في الماهية الكلية قد يوصف بالركنية والقيام المتصل بالركوع ركن فلو ركع جالسا بطلت صلاته والقيام من الركوع واجب غير ركن إذ لو هوى من غير رفع ناسيا لم تبطل صلاته والقيام في القنوت تابع له في الاستحباب لجواز تركه لا إلى بدل واستشكل ذلك المحقق الشيخ على بأن قيام القنوت متصل بقيام القراءة ففي الحقيقة هو كله قيام واحد فكيف يوصف بعضه بالوجوب وبعضه بالاستحباب و هذا الشك غريب فإن مجرد اتصاله به مع وجود خواص الندب فيه لا بدل على الوجوب والحال أنه ممتد يقبل الانقسام إلى الواجب والندب فإن قيل القيام المتصل بالركوع هو بعينه القيام في القراءة إذ لا يجب قيام آخر بعدها قطعا فكيف يجتمع فيه الركنية وعدمها قلنا لا يلزم من اتصاله بالركوع كونه للقراءة بل قد يتفق لا معها كناسي
(٢٤٩)