تأول الشيخ رواية جابر عن الباقر عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله كبر إحدى عشرة وسبعا وستا بالحمل على حضور جنازة ثانية فيبتدى من حين انتهى خمسا وهكذا كما ذكرناه في التشريك والظاهر عدم الفرق هنا بين كون الأولى واجبة والثانية مندوبة أو بالعكس أو مشتركين في الوجوب والندب وإنما يتجه الفرق على القول بالقطع كما حكيناه في المصنف أولا ومتى اقتصر على صلاة واحدة لمتعدد واجتمعوا في الدعاء لهم في وقت واحد اقتصر على دعاء واحد مراعيا تثنية الضمير وجمعه وتذكيره وتأنيثه ولو ذكر في المؤنث مؤلا بالميت صح بل هو أولى عند اجتماع ذكور وأناث ولو اختلفوا في الدعاء كما لو كان فيهم طفل ومؤمن ومجهول مثلا دعا لكل ميت بما هو وظيفته ويستحب للمشيع وهو الماشي مع الجنازة إلى موضع الدفن أو الصلاة المشي وراء الجنازة لأنها متبوعة لا تابعة ولقول الصادق عليه السلام بإسناده إلى رسول الله صلى الله عليه وآله اتبعوا الجنازة ولا تتبعكم خالفوا أهل الكتاب والصادق عليه السلام أخبر بسنة النبي صلى الله عليه وآله وقوله من العامة وروى العامة عن علي عليه السلام أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله يقول أن فضل الماشي خلف الجنازة على الماشي إمامها كفضل المكتوبة على التطوع أو مع أحد جانبيها لقول الباقر عليه السلام في رواية سدير عنه من أحب أن يمشي مشى الكرام الكاتبين فليمش جنبي السرير ويكره تقدمها عندنا وحرمه ابن أبي عقيل جنازة الناصبي وأوجب التأخر لرواية أبي بصير عن الصادق عليه السلام بمنع المشي أمام جنازة المخالف لاستقبال ملائكة العذاب إياه وفى المعتبر قطع بنفي الكراهة في التقدم وجعله مباحا واعلم أن الجنازة بالفتح الميت أو بالكسر الميت وبالفتح السرير أو عكسه أو بالكسر السرير مع الميت ذكر الجميع في القاموس وفى الصحاح الجنازة بالكسر الميت على السرير فإذا لم يكن عليه ميت فهو سرير ونعش وجعل الفتح من كلام العامة والتربيع وهو حمل الجنازة من جوانبها الأربعة بأربعة رجال كيف اتفق وهو أولى من الحمل بين العمودين كما استحبه العامة قال الباقر عليه السلام السنة أن يحمل السرير من جوانبه الأربعة وما كان بعد ذلك من حمل فهو تطوع وقال عليه السلام من حمل جنازة من أربع جوانبها غفر الله له أربعين كبيرة وقال الصادق عليه السلام لإسحاق بن عمار إذا حملت جوانب سرير الميت خرجت من الذنوب كما ولدتك أمك وأفضل هيأته ما رواه العلا بن سيابة عن الصادق عليه السلام تبدء في حمل السرير بالحمل من الجانب الأيمن ثم تمر عليه من خلفه إلى الجانب الاخر حتى ترجع إلى المقدم كذلك دوران الرحى عليه ومثله روى الفضل بن يونس عن الكاظم عليه السلام إلا أنه صرح فيه بأن المبدء به أيمن السرير لا الميت وفى خبر علي بن يقطين حمل الجانب الأول بأيمن الحامل فتحرر من ذلك إن أفضل هيأته أن يبدأ بمقدم السرير الأيمن وهو الذي يلي يسار الميت فيحمله بالكتف الأيمن ثم ينتقل إلى مؤخر السرير الأيمن فيحمله أيضا بكتفه الأيمن ثم ينتقل إلى مؤخره الأيسر فيحمله بالكتف الأيسر ثم ينتقل إلى مقدمه الأيسر فيحمله بكتفه الأيسر وهذا هو المشهور بين الأصحاب وكيفيته لا تخلو من إجمال في عباراتهم واشتباه ومحصلها ما ذكرنا وممن صرح بهذه الهيئة المصنف في المنتهى والشيخ في المبسوط وكثير من الجماعة وعكس الدور في الخلاف فإنه قال فيه يحمل ميامنه مقدم السرير الأيسر ثم يدور خلفه حتى يرجع إلى المقدم محتجا بخبر علي بن يقطين عن الكاظم عليه السلام قال سمعته يقول السنة في حمل الجنازة أن تستقبل جانب السرير بشقك الأيمن فتلزم الأيسر بكتفك الأيمن ثم تمر عليه إلى الجانب الاخر وتدور من خلفه إلى الجانب الثالث من السرير ثم تمر عليه إلى الجانب الرابع مما يلي يسارك ويمكن رجوع الرواية إلى الأول بنوع من الاعتبار فإن اليمين واليسار من الأمور الإضافية فيقبل التعاكس خصوصا مع كون أيمن الميت على أيسر السرير وبالعكس ويدل على ذلك دعواه إجماع الفرقة عليه مع أنه ذكر في النهاية والمبسوط
(٣١٤)