القمر ونحوها أما الرياح فالمعول منها على أربع الصبا والشمال والجنوب والدبور وإنما تكون علامة عند تحققها ولا يكاد يتفق إلا مع العلم بالجهات الأربع ومعه يستغنى عن الاستدلال بالرياح إلا أنه قد يتفق العلم بها بغير الجهة للماهر بعلامات أخرى كالحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة وإثارة السحاب وغير ذلك لكن الوثوق بهذه الأشياء عزيز فكانت من العلامات المثيرة للظن ومن ثم أطلقوا عليها أنها أضعف العلامات وأما القمر فإنه يكون ليلة السابع من الشهر وقت المغرب في قبلة العراقي أو قريبا منها وليلة الرابع عشر منه نصف الليل وليلة الحادي والعشرين عند الفجر إلا أن ذلك كله تقريبي لا يستمر على وتيرة واحدة فلذلك لم يخبر التعويل عليه مع القدرة على الجدي ونحوه من العلامات الثابتة واعلم أن في العبارة كلامين أ أنه جعل التعويل على العلامات المنصوبة للدلالة مشروطا بفقد العلم بالقبلة ومقتضاه كون العلامات غير مفيدة للعلم فإن أراد أنها غير مفيدة للعلم بالعين فهو حق إلا أنه يجب تخصيص العلم بها للذكور في أول الكلام بالعلم بالعين فتبقى العبارة خالية عن ذكر العلم بالجهة التي هي قبلة البعيد والبلوى بها أعم لكثرة المكلف بها وإن أراد أنها غير مفيدة للعلم بالجهة فهو ممنوع بل هي محصلة للعلم بالجهة قطعا إذا تحررت على وجهها المعتبر والظاهر أن مراده هو الأول كما يظهر من كلامه في غير هذا الكتاب فإنه يذكر هو وغيره أن القادر على العلم لا يكفيه الاجتهاد ويعنون بالمجتهد هنا العارف بأدلة القبلة المذكورة وغيرها والقادر على الاجتهاد لا يجزيه العمل بالعلامات المفيدة للظن بالجهة كالرياح فإن علامة القطب مثلا يفيد العلم بالجهة ويبقى التصريح بأن هذه العلامات المستنبطة بالاجتهاد هل هي مفيدة للعلم بالجهة أم لا خال من العبارة وليس بضاير بأنه لم يسم التعويل على العلامات اجتهادا وسمى التعويل على الامارات المفيدة للظن اجتهادا كما دل عليه قوله ويجتهد مع الخفا ثم قوله فإن فقد الظن وهذا اصطلاح خاص فإن المصنف وغيره يطلقون المجتهد في القبلة على كل من يعرف العلامات سواء كانت علمية بالنسبة إلى الجهة أم ظنية بال إطلاقه على العالم بالعلامات القوية أكثر وإنما قيدنا قوله يجتهد بتحصيل الأمارات الظنية مع كونه مطلقا لأنه جعله مشروطا بخفا العلامات وهي متناولة للعلمية و الظنية ولما كان العمل بالعلامات المفيدة للظن مشروطا بتعذر المفيدة للعلم كما نبه عليه هو وغيره لزم تقييد الاجتهاد هنا بالمفيد للظن ثم بين إرادة هذا المعنى بقوله فإن فقد الظن بالقبلة وهي المرتبة الثالثة صلى إلى أربع جهات كل فريضة ومقتضى إطلاق العبارة عدم الفرق في الفاقد بين كونه مع ذلك عالما بالامارات لكنه ممنوع منها لعارض كغيم ونحوه أو جاهلا مع القدرة على التعلم أو لا معها فيجب على الثلاثة الصلاة إلى أربع جهات وفى وجوب الصلاة إلى الأربع للثلاثة خلاف أما الأول فذهب المصنف في كثير من كتبه إلى ما دل عليه الاطلاق هنا و اختاره في الذكرى محتجا بأن القدرة على أصل الاجتهاد حاصلة والعرض سريع الزوال وفى صلاحيته للدلالة نظر لحصول الفجر في الحال الذي هو محل التكليف فيرجع إلى التقليد كالأعمى والقدرة على أصل الاجتهاد غير مفيدة مع المانع وسرعة الزوال لو سلمت غير صالحة للتعليل ويمكن الاحتجاج له بمرسلة خداش عن الصادق عليه السلام قلت أن هؤلاء المخالفين يقولون إذا أطبقت علينا واظلمت ولم يعرف السماء كنا وأنتم سواء في الاجتهاد فقال ليس كما يقولون إذا كان كذلك فلتصل لأربع (إلى أربع خ ل) وجوه والرواية لا حجة فيها ولا ريب أنه أحوط واختاره المصنف في المخ والقواعد والشهيد في البيان رجوعه إلى التقليد كالأعمى وأما الجاهل بالعلامات فإن عجز من معرفتها لضيق وقت أو لعدم أهليته لمعرفة الأدلة فالمشهور جواز التقليد له لان فقد البصيرة أشد من فقد البصر وللشيخ قول بوجوب صلاته إلى الأربع ولو قدر العامي على التعلم
(١٩٣)