لو فقد الماء بعد الصلاة قيل نعم لأنه متمكن عقلا من الماء ومنع الشرع من الابطال لا يخرجه عن التمكن فإنه صفة حقيقية لا تتغير بالأمر الشرعي أو النهى وعدم فساده بالنسبة إلى الصلاة التي كان فيها للاذن في إتمامها حذرا من إبطال العمل أما غيرها فلا مانع من بطلانه بالنسبة إليه وهو ضعيف لان الاذن في إتمامها يقتضى بقاء الإباحة فلا يجتمع الصحة والفساد في (عبادة صح) طهارة واحدة والمنع الشرعي كاف في عدم النقض كالمرض فهو بمنزلة المنع الحسى بل أقوى ولأن التيمم لم ينتقض بوجود الماء فبعد فقده أولى ولأن صحة أداء الصلاة يقتضى عدم ثبوت المنع من فعلها وهو أمر مشترك بين جميع الصلوات فعدم النقض أصح ولا فرق في الصلاة بين الفرض والنقل ويستباح به كلما يستباح بالطهارة المائية من صلاة وطواف واجبين أو ندبين ودخول مسجد ولو كان الكعبة وقراءة عزيمة وغير ذلك من واجب ومستحب لقوله تعالى ولكن يريد ليطهركم وقوله صلى الله عليه وآله وطهورا ويكفيك الصعيد عشر سنين ومنع فخر المحققين ولد المصنف من استباحة المساجد به للجنب لقوله تعالى ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا حيث جعل غاية التحريم الغسل فلا يزول بالتيمم وكذا مس كتابة القرآن به معللا بعدم فرق الأمة بينهما هنا ويلزمه تحريم الطواف للجنب أيضا بالتيمم لاستلزامه دخول المسجد وإن لم يصرح به وهو ضعيف لمعارضته بقوله صلى الله عليه وآله لأبي ذر يكفيك الصعيد عشر سنين فإن اطلاقه يقتضى الاكتفاء به في العبادات إذ لو أراد الاكتفاء به في الصلاة في البيت لوجب البيان حذرا من الاجمال في وقت الخطاب الموجب للاغراء وبقول الصادق عليه السلام إن الله جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا وقوله عليه السلام التراب أحد الطهورين ولأن إباحة الصلاة المشترطة بالطهارة الصغرى والكبرى أعظم من دخول المساجد فإباحتها يستلزم إباحته بطريق أولى وذكر الغسل في الآية لكونه أصلا اختياريا وهو لا ينفى الاضطراري إذا دخل بدليل آخر واعلم أن هذه العبارة أيضا أوفى مما في صدر الكتاب من قوله والتيمم يجب للصلاة والطواف إلخ وقد بيناه هناك ولا يعيد المتيمم تيمما مشروعا ما صلى به لان امتثال المأمور به على وجهه يقتضى الاجزاء ولا فرق في ذلك بين متعمد الجنابة حال عجزه عن الغسل وغيره ولا بين من منعه زحام الجمعة عن الخروج للطهارة المائية فتيمم وغيره لتحقق الامتثال في الجميع وما ورد خلاف ذلك ضعيف أو معارض بما هو أشهر منه ويدخل في إطلاقه من صب الماء في الوقت ثم تيمم وصلى وفي حكمه نقله عن ملكه حيث يتم الملك ومروره على نهر ونحوه وتمكنه من الشراء وقبول الهبة فلم يفعل وجنابته فيه عمدا إذا كان عنده ما يكفيه للوضوء خاصة أو كان متطهرا وحدثه كذلك فلا يجب القضاء في جميع ذلك وقد صرح بعد القضاء في الأصل وهو إراقة الماء في الوقت في التذكرة واختاره الشهيد رحمه الله لكونه مأمورا بالتيمم في آخر الوقت لعدم وجدانه الماء فيقتضى الاجزاء وإن أساء قبل ذلك واختار في القواعد وجوب القضاء لمخاطبته بعد الوقت بفعل الصلاة بالطهارة المائية لأنه متمكن منه فإذا تيمم وصلى بعد الإراقة لم يخرج من العهدة إذ لم يأت بالمأمور به على وجهه فيجب الإعادة وهذا إنما يتم إذا لم يكن مأمورا بالتيمم والصلاة آخر الوقت أما مع الامر به فيتعين الاجزاء كما قلناه وحيث كان المأمور به الثاني بدلا من المأمور به الأول سقط اعتبار الأول وإن أساء لاستحالة الامر بالبدل والمبدل معا مع ثبوت البدلية ومتى قلنا بالإعادة فإنما يعيد ما أراق الماء في وقتها ولو كان في وقت مشترك أعاد صلاتيه معا والظاهر إن الصوم كالصلاة في ذلك ولكن لم يصرحوا به واشتراطه بالطهارة يلحقه بها ولو اجتمع جنب ومحدث حدثا أصغر وميت وعندهم من الماء ما يكفي أحدهم خاصة فإن كان الماء لأحدهم اختص به ولا يجوز له بذله لغيره مع تضيق وقت مشروط بها عليه أو اتساعه وعدم رجاء غير هذا الماء لان الطهارة قد تعينت عليه وهو متمكن من الماء فلا يعدل
(١٣٠)