كوجوب الطهارة والصلاة والزكاة والحج ومن الرخص إباحة الميتة عند المخمصة وشرب الخمر لا ساعة اللقمة ومنها ما يختص بمطلق السفر كصلاة النافلة على الراحلة وماشيا إن سمى مطلق المشي سفرا ومنها ما يختص بالسفر الطويل كترك الجمعة والجمع بين الصلاتين وسقوط نافلة الظهرين اجماعا والوتيرة على المشهور والافطار من الصوم وقصر الصلاة الرباعية في غير الخوف وهذا الفرد هو موضع البحث هنا وقد تبين بذلك فساد ما قيل أن قصر الصلاة مختص بالسفر الطويل اللهم إلا أن يشترط في الخوف السفر وقد تقدم الكلام فيه كما ضعف قوله أن من خواص مطلق السفر الصلاة إلى غير القبلة مع الضرورة فإن ذلك غير مختص بالسفر أيضا وقد أشار إلى المقصود بالذات بقوله يجب التقصير في الصلاة الرباعية خاصة بإسقاط الركعتين الأخيرتين منها خاصة دون الثنائية والثلاثية بالاجماع وقول أبى عبد الله عليه السلام الصلاة في السفر ركعتان ليس قبلهما ولا بعدهما شئ إلا المغرب ثلث ركعات وإنما يجب التقصير بستة شروط أ السفر إلى المسافة وهي ثمانية فراسخ كل فرسخ ثلاثة أميال كل ميل أربعة آلاف ذراع كل ذراع أربع وعشرون إصبعا كل إصبع سبع شعيرات متلاصقات بالسطح الأكبر وقيل ست ولعل الاختلاف بسبب اختلافها عرض كل شعيرة سبع شعرات من أوسط شعر البرذون وقد ورد تقدير المسافة بثمانية فراسخ معللا في خبر الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام قال إنما وجب التقصير في ثمانية فراسخ لا أقل من ذلك ولا أكثر لان ثمانية فراسخ مسيرة يوم للعامة والقوافل والأثقال ولو لم يجب في مسير يوم لم يجب في مسير سنة لان كل يوم يكون بعد هذا اليوم فإنما هو نظير هذا اليوم فلو لم يجب في هذا اليوم لم يجب في نظيره وقد علم من ذلك أن المسافة مسير يوم بسير الأثقال ولما كان ذلك يختلف باختلاف الأرض والأزمنة والسير حمل على الوسط في الثلاثة فيعتبر في من الحيوان مسير الإبل لأنها الغالب في القوافل روى ابن بابويه في الفقيه عن الرضا عليه السلام في حديث أنه قال كان أبى عليه السلام يقول إن التقصير لم يوضع على البغلة السفواء والدابة الناجية إنما وضع على سير القطار قال الجوهري بغلة سفواء خفيفة سريعة وسفا يسفو سفوا أسرع في المشي وعلى هذا فيكفي السير عن التقدير وإن اتفق قصوره عنه في نفس الامر عملا بظاهر الاخبار نعم لو اعتبرها بالتقدير فإن وافق السير فواضح وإن اختلفا أمكن الاجتزاء بكل واحد منهما لدلالة النص عليهما وتقديم السير لان دلالة النص عليه أقوى إذ ليس لاعتبارها بالأذرع على الوجه المذكور نص صريح بل ربما اختلف فيه الاخبار وكلام الأصحاب وقد صنف السيد السعيد جمال الدين أحمد بن طاوس كتابا مفردا في تقدير الفراسخ وحاصله لا يوافق المشهور ولأن الأصل الذي اعتمد عليه المصنف وجماعة في تقدير الفرسخ يرجع إلى اليوم لأنه استدل عليه في التذكرة بأن المسافة تعتبر بمسير يوم للإبل السير العام وهو يناسب ذلك قال وكذا الوضع اللغوي وهو مد البصر من الأرض ويظهر من الذكرى تقديم التقدير ولعله لأنه تحقيق والاخر تقريب ومبدأ التقدير من آخر العمارة في البلد المعتدل فما دون ومن آخر محلته في البلد المتسع والمرجع في ذلك إلى العرف ويتعين في التقصير أحد الامرين المسافة المذكورة أو أربعة فراسخ لمن رجع إلى محله من يومه لرواية محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام إذا ذهب بريدا ورجع بريدا فقد شغل يومه وقول الصادق عليه السلام بريد ذاهبا وبريد جائيا ولوجود المشقة التي هي حكمة الترخص والظاهر أن اليوم هنا اسم لليل والنهار فيكفي عوده في ليلته خاصة أو وقوعهما في يومه وليلته مع قصده ويدخل في الحكم قصد ما فوق الأربعة دون ما قصر عنها وإن كرره أزيد من مسافة ولم يبلغ في العود حدود وطنه وهذا الحكم أعني إلحاق قاصد أربعة فراسخ على هذا الوجه بقاصد الثمانية في تحتم القصر هو المشهور بين المتأخرين ومستنده ما مر وإن فيه جمعا بين الاخبار فإن في بعضها
(٣٨٣)