في ملك الغير أو في طريق مسلوك لاستلزام ذلك كونه مغصوبا وقد ذكر الأصحاب المسألتين معا فيجوز كون المصنف هنا أراد المعنيين اختصارا وبيع آلتها مع عدم الحاجة إلى بيعها لعمارته أو عمارة غيره من المساجد وعدم المصلحة كما لو خيف عليها التلف أو كانت رثة لا ينتفع بها فيه وكما يجوز بيعها لعمارة مسجد آخر يجوز صرفها فيه بطريق أولى لاتحاد المالك وهو الله تعالى كل ذلك مع تعذر صرفها في الأول أو استيلاء الخراب عليه أو كون الثاني أحوج بكثرة المصلين ونحوه وتملكها بعد زوال اثارها لان عرصتها داخلة في الوقف وهو يقتضى التأبيد وإدخال النجاسة إليها لقول النبي صلى الله عليه وآله جنبوا مساجدكم النجاسة ولأمر النبي صلى الله عليه وآله بتطهير مكان البول بالذنوب ولقوله تعالى بعد حكمه بنجاسة المشركين فلا يقربوا المسجد الحرام فيثبت الحكم في غيره إذ لا قائل بالفرق ولم يشترط المصنف في تحريم إدخال النجاسة إليها تلويثها أو شئ من آلاتها بل صرح بالتحريم مطلقا في غير هذا الكتاب ومن ثم أطلق هنا محتجا بإطلاق هذه الأدلة والأكثر على عدم تحريم إدخال غير الملوثة للاجماع على جواز دخول الصبيان والحيض من النساء اختيارا ولتصريح الأصحاب بجواز دخول المجروح والسلس و المستحاضة مع أمن التلويث وإزالتها فيها مع استلزامها التنجيس وهو ظاهر ولو لم يستلزمه كما لو غسلها في إناء أو فيما لا ينفعل كالكثير فينبغي تفريعا على اختصاص التحريم بالملوثة جوازها وربما قيل بالتحريم أيضا لما فيه الامتهان المنافى لقوله صلى الله عليه وآله جنبوا مساجدكم النجاسة واعلم إن الشهيد رحمه الله قال في الذكرى أنه لم يقف على إسناد هذا الحديث وهو العمدة في استدلال المصنف وإخراج الحصا منها لرواية وهب بن وهب عن الصادق عن آبائه عليهم السلام قال إذا أخرج أحدكم الحصاة من المسجد فليردها مكانها أو في مسجد آخر فإنها تسبح وفى حكمه التراب وقد أطلق الأصحاب الحكم وينبغي تقييده بما يكون جزاء من المسجد كالمتخذ للفرش ونحوه فلو كان من جملة القمامات الموضوعة في المسجد كان اخراج هذا النوع مستحبا فضلا عن أن يكون حراما ومتى أخرجت على الوجه الممتنع فتعاد وجوبا إليها وإن كان إلى غير ما أخرج منه كما ورد في الخبر المتقدم وينبغي تقييده في صورة كونها فرشا بغناء المسجد الذي أخرجت منه أو أولوية ما أعيدت إليه كما سبق تفصيله والتعرض للبيع جمع بيعة بالكسر وهي معبد النصارى والكنايس جمع كنيسة وهي معبود اليهود وقد يقال فيهما غير ذلك وإنما يحرم التعرض لهما مع كونهما لأهل الذمة ولو كانت في دار الحرب أو باد أهلها أي هلكوا سواء كانت في دار الحرب أم دار الاسلام جاز استعمال آلتها في المساجد لا في غيرها وكذا يجوز جعلها حينئذ مساجد وينقض ما لا بد منه في تحقق المسجدية كالمحراب ونحوه وقد روى العيص بن القسم في الصحيح قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن البيع والكنايس هل يصلح نقضها لبناء المساجد فقال نعم قيل ويستفاد من ذلك صحة وقف الكافر كما نبه عليه الشهيد رحمه الله في بعض فوايده وللبحث فيه مجال المقصد الخامس في الأذان والإقامة الأذان لغة الاعلام ومثله الأذين والايذان ومنه قوله تعالى فأذنوا بحرب من الله ورسوله أي إعلموا وعلى قراءة المد معناه اعلموا من ورائكم بالحرب فيفيد المد التعدية والإقامة مصدر بالمكان والتاء عوض من الواو المحذوفة أو مصدر أقام الشئ بمعنى أدامه ومنه يقيمون الصلاة والأذان شرعا إذكار مخصوصة وضع للاعلام بأوقات الصلوات والإقامة إذكار معهودة عند إقامة الصلاة أي قرب فعلها وهما أي الأذان والإقامة مستحبان استحبابا مؤكدا وثوابهما عظيم فعن النبي صلى الله عليه وآله من أذن في سبيل الله لصلاة واحدة إيمانا واحتسابا وتقربا إلى الله عز وجل غفر الله له ما سلف من ذنوبه ومن عليه بالعصمة فيما بقي من عمره وجمع بينه وبين الشهداء في الجنة
(٢٣٨)