ضده فلا بد من الاحتراز عنه وبيان ذلك إن الشمس إذا طلعت وقع لكل شاخص قائم على سطح الأرض بحيث يكون عمودا على سطح الأفق طويل في جانب المغرب وهذا الظل هو المبحوث عنه هنا ثم لا يزال ينقص كلما ارتفعت الشمس حتى تبلغ كبد السماء وتصل إلى دائرة نصف النهار وهي دائرة عظيمة موهومة تفصل بين المشرق والمغرب تقاطع دائرة الأفق على نقطتين هما نقطتا الجنوب والشمال وقطباها منتصف النصف الشرقي ومنتصف النصف الغربي من الأفق وهما نقطتا المشرق والمغرب وحينئذ فيكون ظل الشاخص المذكور واقعا على خط نصف النهار وهو الخط الواصل بين نقطتي الجنوب والشمال وهناك ينتهى نقصان الظل المذكور وقد لا يبقى للشاخص ظل أصلا في بعض البلاد وإذا بقي الظل فمقداره مختلف باختلاف البلاد والفصول فكلما كان بعد الشمس عن مسامتة رؤس أهل البلد أكثر كان الظل فيها أطول فإذا مالت الشمس عن وسط السماء وانحرفت عن دائرة نصف النهار إلى المغرب فإن لم يكن بقي ظل حدث حينئذ جانب المشرق وكان ذلك علامة الزوال وإن كان قد بقي أخذ حينئذ في الزيادة فيكون ذلك علامة أيضا فإطلاق المصنف العلامة على الثاني خاصة مبنى على الغالب بالنسبة إلى البلاد والزمان وإلا فاللازم ذكر الامرين كما صنع في غير هذا الكتاب أو التعبير بلفظ يشملهما كظهور الظل في جانب المشرق ولاستخراج هذه الزيادة طرق جليلة ودقيقة فالجليلة الواضحة التي دلت عليها الاخبار كخبر علي بن أبي حمزة وخبر سماعة عن الصادق عليه السلام أن تنصيب مقياسا على وجه الأرض حيال الشمس ويقدر ظله عند قرب الشمس من الاستواء ثم يصبر قليلا ويقدر فإن كان دون الأول أو بقدره فإلى الآن لم تزل وإن زاد زالت إلا أن هذا الطريق إنما يعلم به زوال الشمس بعد مضى زمان طويل لكنه عام النفع للعام والعامي ومن الطرق الدقيقة الدائرة الهندية وقد ذكرها المصنف في النهاية وجماعة من الأصحاب كالمفيد وغيره وطريقها أن يسوى موضعا من الأرض تسوية صحيحة بأن يدار عليه مسطرة مصححة الوجه مع ثبات وسطها بحيث يماسها في جميع الدورة أو تعلم بالماء إن كانت صلبة بحيث إذا صب عليها مسها من جميع الجهات ثم يدار عليها دائرة بأي بعد كان وينصب على مركزها مقياس مخروطي محدد الرأس طوله قدر ربع قطر الدائرة تقريبا نصبا مستقيما بحيث يحدث عن جوانبه زوايا قوائم ويعلم ذلك بأن ما بين رأس المقياس ومحيط الدائرة بمقدار واحد من ثلث نقط من المحيط ويرصد رأس الظل عند وصوله إلى محيطها للدخول فيها مما يلي الغرب قبل الزوال وبعد الزوال عند خروجه منها من جهة الشرق ويعلم على نقطتي الوصول وينصف القوس التي بين العلامتين من الجانبين أعني جهة الجنوب والشمال ويخرج من منتصفها خطا مستقيما يمر بالمركز فهو خط نصف النهار الذي ينتهى أحد طرفيه بنقطة الجنوب والاخر بنقطة الشمال ولك أن تكتفى بتنصيف القوس الشمالية وتصل بين مركز الدائرة ومنتصف القوس فإذا ألقى المقياس ظله على هذا الخط الذي هو خط نصف النهار كانت الشمس في وسط السماء لم تزل فإذا ابتدى رأس الظل يخرج عنه فقد زالت الشمس ولو نصفت القوسين الحادثتين من قطع خط نصف النهار للدائرة ووصلت بينهما بخط يقاطع خط نصف النهار على أربع زوايا قوائم كل منها ربع المحيط كان ذلك الخط خط المشرق والمغرب فيتصل أحد طرفيه بنقطة مشرق الاعتدال والاخر بنقطة مغربه وسيأتي في باب القبلة الاحتياج إليها إن شاء الله فإن بهذه الدائرة تعرف القبلة أيضا بنوع من التحقيق ومن الطرق الدقيقة التي يعلم بها الزوال الأسطرلاب وربع الدائرة ودائرة المعدل وغيرها من الأعمال وقد ذكرها أيضا بعض الأصحاب بقي هنا بحث شريف لا بد من التنبه له وهو إن المصنف وجماعة مثلوا من البلاد التي يعلم الزوال فيها بحدوث الظل بعد عدمه مكة وصنعاء
(١٧٦)