هذه الثلاثة من فرق المسلمين قيل لا لعدم نقل اجتناب النبي وعلى عليهما السلام ذلك مع ما كان بين علي عليه السلام وبين أهل عصره من المباينة والمخالفة وفى العقائد وسئل علي عليه السلام عن الوضوء من ركو أبيض مخمر أي مغطى أو من فضل وضوء المسلمين فقال بل من فضل وضوء جماعة المسلمين فإن أحب دينكم إلى الله الحنيفية السمحة وهو اختيار المحقق والشهيد رحمه الله في الذكرى وألحق جماعة منهم المصنف في بعض كتبه والشهيد في غيرها المجسمة بالحقيقة وبعضهم المجسمة ولو بالتسمية والشيخ رحمه الله المجبرة أيضا وابن إدريس كل من خالف الحق وفى بعض الاخبار إن كل من قدم الجبت والطاغوت فهو ناصب واختاره بعض الأصحاب إذ لا عداوة أعظم ممن قدم المنخرط عن مراتب الكمال وفضل المنخرط في سلك الأغبياء والجهال على من تسنم أوج الجلال حتى شك في أنه الله المتعال والله أعلم بحقيقة الحال والماء القليل المستعمل في رفع الحدث طاهر إجماعا سوا في ذلك الحدث الأصغر والأكبر ومطهر إن كان الحدث أصغر إجماعا وكذا إن كان أكبر على المشهور للعموم و لان الطهور ما يتكرر منه الطهارة كالضروب فلا ينافيه وذهب الشيخان وجماعة إلى كونه غير مطهر استنادا إلى أخبار لو لم تكن ضعيفة أمكن حملها على التنزيه أو على نجاسة المحل جمعا بينها وبين غيرها من صحاح الاخبار وربما عللوه بتأثر الماء لتأثيره في المحل رفع الحدث أو رفع منعه من الصلاة حيث لا يرتفع كما تأثر رافع الخبت حيث جعل المحل بعد الغسل مخالفا لما قبله فكان المنع الذي في البدن انتقل وهذه العلة لو تمت لزم المنع من المستعمل في الصغرى لاشتراكهما في العلة لكن الثاني جائز الاستعمال إجماعا فثبت الأول ويصير الماء مستعملا بانفصاله عن أعضاء الطهارة مع قلته فالكثير لا يتصور فيه الانفعال كما أن المتردد على الأعضاء لا يمكن الحكم باستعماله وإلا لامتنع فعل الطهارة بالقليل ولو ارتمس في القليل ارتفع حدثه بعد تمام الارتماس لأنه في حكم الانفصال وصار مستعملا بالنسبة إلى غيره وإن لم يخرج ولو نوى جنبان فكذلك ولا يشترط إيقاعه النية في الماء بعد تمام الارتماس كما يظهر من الذكرى لان الارتماس لا يتبعض فلا يرتفع الحدث إلا بعد تمامه على التقديرين ويجوز إزالة النجاسة به ولو منعنا من الطهارة به حتى نقل الفاضل ولد المصنف الاجماع عليه والذكرى بالمنع محتجا بأن قوته استوفيت فألحق (فالتحق صح) بالمضاف ولم يذكر قائله والمستعمل في رفع الخبث نجس سواء تغير بالنجاسة أو لا على أشهر الأقوال خصوصا بين المتأخرين وحجتهم أنه ماء قليل لا في نجاسة فينجس وقول أبى عبد الله عليه السلام الماء الذي يغسل به الثوب ويغتسل به من الجنابة لا يتوضأ منه وقول الكاظم عليه السلام في غسالة الحمام لا يغتسل منها فيثبت الحكم في غسالة غيره إذ لا قائل بالفصل وفى هذه الأدلة نظر أما الأول فلمنع كلية كرراه فإنها عين المتنازع فأخذها في الدليل مصادرة ولانتقاضها بماء الاستنجاء فإن قيل خرج ذلك بالدليل فصار الباقي كالعام المخصوص في حجيته على ما بقي قلنا ذلك إنما يتم لو ثبت صورة الدليل كذا وإلا فلنا إن نخرج ماء النجاسة أيضا لما سيأتي مع إن كليتها على ما عدا ذلك ممنوعة وأمن الدليل عليه وأما الخبر فهو أعم من الدعوى فإن المنع من الوضوء به أعم من النجاسة فلا يستلزمها لعدم دلالة العام على الخاص العين وعطف الجنابة عليه على تقدير تمامه يؤذن برفع الطهورية لا الطهارة وأما خبر غسالة الحمام فسيأتي فيه مع أنه معارض بقول الكاظم عليه السلام في غسالة الحمام يصيب الثوب لا بأس واعلم إن في هذه المسألة أقوالا أربعة أحدها إن الماء المزيل للخبث كالمحل قبل الغسل مطلقا فمتى لم يطهر المحل فالغسالة نجسة كنجاسة المحل قبله فيجب غسل ما أصابه هذا الماء كما يجب غسل المحل بالنسبة إلى عدد الغسلات وجميع ما تقدم من الأدلة صالح لهذا القول وكلام المصنف محتمل له بل ظاهر فيه لاطلاقه القول بنجاسة الماء وهذا القول نسبه الشهيد رحمه الله وثانيها أن الماء المستعمل في ذلك كالمحل
(١٥٨)