لا في الدوام فلو انفض العدد في الأثناء أتم إمام الجمعة وإن كان وحده كما يقتضيه ظاهر العبارة للنهي عن قطع العمل وظاهر قوله تعالى وتركوك قائما على قول بعض المفسرين إن المراد قائما في الصلاة واعتبر المصنف في التذكرة إدراك ركعة لقوله عليه السلام من أدرك ركعة من الجمعة فليضف إليها أخرى ولا دلالة فيه على المتنازع ولو انفض الامام خاصة أو مع غيره وجب على من بقي الاستمرار وتقديم من يتم معه جماعة فإن تعذر أكملت فرادى فتكون الجماعة أيضا شرطا في الابتداء لا في الدوام وكذا التوقف على أذن الامام ولو انفضوا قبل التلبس بالصلاة سقطت لفقد الشرط ابتداء وكذا لو انفض ما ينقص به العدد ويمكن دخوله في العبارة بحمل العدد على الهيئة المجموعة منه فيصدق فواتها بفوات بعض إجزائها ولا فرق بين انفضاضهم قبل الخطبة أو بعدها أو في أثنائها ولو عادوا أعادها من رأس إن لم يسمعوا أركانها وإلا بنى وإن طال الفصل لعدم ثبوت اشتراط الموالاة فيها ويجب تقديم الخطبتين على الصلاة تأسيا بالنبي والأئمة صلوات الله عليهم وقضاء لحق الشرطية فلو عكس بطلت وتأخيرهما عن الزوال على المشهور لقوله تعالى إذا نودي للصلاة فاسعوا أمر بالسعي بعد النداء الذي هو الأذان فتكون الخطبة بعده ولقوله عليه السلام هي صلاة ولمضمرة محمد بن مسلم يخرج الامام بعد الأذان فيصعد المنبر فيخطب وذهب جماعة من الأصحاب منهم الشيخ والمحقق إلى جوازهما قبل الزوال وجعل في الذكرى إيقاعهما بعد الزوال أولى لصحيحة عبد الله بن سنان عن الصادق عليه السلام قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلى الجمعة حين تزول الشمس قدر شراك ويخطب في الظل الأول ويقول جبرئيل يا محمد قد زالت فأنزل فصل ونزلها المصنف في المختلف على أن المراد بالظل الأول هو الفئ الزائد على ظل المقياس إلى أن يصير مثله ومعنى زوال الشمس حينئذ ميلها عن الظل الأول كما أن زوالها المعروف ميلها عن دائرة وسط النهار وهو تنزيل بعيد لأنه خلاف المعروف لغة من الظل والزوال فإن الظل ما قبل الزوال كما أن الفئ ما بعده والأصل عدم النقل فالاحتراز بالظل الأول إنما وقع عن الفئ وكذا الزوال حقيقة شرعية في ميل الشمس عن الدائرة المذكورة فحمله على غيره غير جائز والعجب أن المصنف يرى أن آخر وقت الجمعة صيرورة الظل مثل الشخص ثم يأول هذا الخبر بما يقتضى فعلها بعد هذا الوقت واعترض بأن الخبر لا دلالة فيه على مذهب الشيخ لأنه ليس للظل الأول معنى معين يصار إليه عند الاطلاق فإن الأولية أمر إضافي يختلف باختلاف المضاف إليه وإنما يشعر به قوله قد زالت ولأنه لا بد لتقدير شئ مع الظل الأول وليس تقدير انتهائه مثلا أولى من تقدير انقضائه وبأن أول الحديث يشعر بخلاف مرادهم لان فعلها حين زوال قدر شراك ربما يقتضى مضى زمان يسع الخطبة وحينئذ يمكن كون المراد فعلها في أول الزوال الذي لا يعلمه كل أحد وفعل الصلاة عند تحقق ذلك وظهوره والجواب إن التقييد بالظل كاف في التمييز عن الفئ الحادث بعد الزوال ووصفه بالأولية جاز كونه بيانا من قبيل قوله ولا طائر يطير بجناحيه فإن الظل لا يكون إلا أولا بالإضافة إلى الفئ أو يكون احترازا عن الحادث بعد الزوال فإنه قد يسمى أيضا ظلا ومن ثم يقال آخر وقتها إذا صار ظل كل شئ مثله ويؤيد هذا المعنى قول جبرئيل بعد الخطبة قد زالت فأنزل ولا يحتاج الظل الأول تقدير شئ مما ذكر فإنه وقع ظرفا للخطبتين فيكون المراد فعلهما في زمانه وفعل الصلاة بعد الزوال قدر شراك لا يدل على خلاف ما دل عليه الكلام فإن قدر الشراك أمر قليل ولو فرض طوله لم يضر وفعله صلى الله عليه وآله لهما في زمان لا يعلمه كل أحد إن كان مع علمه صلى الله عليه وآله بحصول الزوال لم يكن لقول جبرئيل بعد ذلك قد زالت فائدة وإن كان صلى الله عليه وآله لم يعلم بالزوال حال الخطبة حكمه حكم ما قبل الزوال مع احتياج ذلك كله إلى تقدير وتكلف لا يقتضيه
(٢٩٣)