والوضوء ممتنع في غسل الجنابة وزيفه ذلك المحقق بأن أثر الحدث الأصغر لا يظهر ما دام الأكبر موجودا وما لم يتم الغسل فالحدث بحاله ولو سلم فلم لا يكون أثره هنا كأثره قبل الشروع في الغسل وقد تقدم جواب هذا التزييف منقحا قال في الذكرى وقد قيل أنه مروي عن الصادق عليه السلام في كتاب عرض المجالس للصدوق واعترض بأن مثل هذه الرواية لا اعتبار بها في الاستدلال وأنت خبير بأن الشهيد رحمه الله لم يخرجها للاستدلال بل لما كان الظاهر أنه ليس في المسألة نص عن أئمة الهدى عليهم السلام وذكر بعض الأفاضل أن في الإعادة رواية في الكتاب المشار إليه ذكره على جهة الارشاد لا على جهة الاستدلال لتحاشيه عن توهم مثل ذلك رحمه الله تعالى المقصد الثاني من المقاصد الأربعة المعقودة لبيان أسباب الغسل في بيان ماهية الحيض وبيان أحكامه الخاصة به وهو لغة السيل يقال حاض الوادي إذا سأل وبعضهم اعتبر في صدق اسمه القوة فأطلقه لغة على السيل بقوة وشرعا دم يقذفه الرحم إذا بلغت المرأة ثم يعتادها غالبا في أوقات معلومة هذا هو الاصطلاح المشهور من انقسام تعريفه إلى اللغوي والشرعي وللبحث في ذلك مجال فإن الظاهر من كلام أهل اللغة أن الحيض قد يطلق لغة على هذا الدم المخصوص لا باعتبار سيلانه بقوة أو بغير قوة بل يطلق ابتداء على مصطلح أهل الشرع فلا يكون بين التعريف اللغوي والشرعي فرق من حيث الماهية قال الجوهري يقال حاضت المرأة تحيض حيضا ومحيضا فهي حائض وحائضة إلى إن قال وحاضت السمرة حيضا وهي شجرة يسيل منها شئ كالدم وقد أشار إلى ذلك في المعتبر حيث جرى أولا على ما هو المشهور من أنه إنما سمى حيضا من قولهم حاض السيل إذا اندفع فكأنه لمكان قوته وشدة خروجه في غالب أحواله اختص بهذا الاسم قال ويجوز أن يكون من روية الدم كما يقال حاضت الأرنب إذا رأت الدم وحاضت السمرة إذا خرج منها الصمغ الأحمر انتهى ومتى ثبت ذلك عن أهل اللغة فهو خير من النقل كما قرر في الأصول ويمكن الجواب بأن مطلق استعمال أهل اللغة لا يدل على الحقيقة فإنهم يذكرون الحقيقة والمجاز سلمنا لكن حمله على الحقيقة يوجب الاشتراك والمجاز خير منه واعلم أن الحكمة في الحيض إعداد المرأة للحمل ثم اغتذاؤه به جنينا ثم رضيعا باستحالته لبنا ومن ثم قل حيض الحامل والمرضع على خلاف في الأول أما المرضع فالاجماع واقع على إمكانه لها وهو يؤيد إمكانه للحامل إذ يمكن فضل الغذاء في الموضعين مضافا إلى ما دل عليه من الروايات فإذا خلت المرأة من حمل ورضاع بقي الدم لا مصرف له فيستقر في مكان ثم يخرج غالبا في كل شهر هلالي سبعة أيام أو ستة أو أقل أو أكثر بحسب قرب مزاجها من الحرارة وبعده عنها وقد يطول احتباسه ويقصر بحسب ما ركبه الله في طبعها وقد عرفه المصنف بتعريف حسي بخواص يشترك في العلم بها الفقيه والعامي بقوله وهو في الأغلب والتقييد بالأغلبية للتنبيه على أنه قد يجئ بخلاف ذلك على خلاف الغالب لما سيأتي إن الصفرة والكدرة في أيام الحيض حيض كما أن الأسود الحار في أيام الطهر استحاضة أسود على حذف الموصوف وإبقاء الصفة وهو شايع الاستعمال أي دم أسود ولا يشكل بأن الاضمار معيب في التعريفات لان ذلك حيث لا قرنية تدل عليه وهي موجودة هنا فالدم المحذوف في التعريف بمنزلة الجنس القريب شامل للدماء الثلاثة وغيرها وقوله أسود حار يخرج بحرقة بضم الحاء وهي اللذع الحاصل من خروج الدم بدفع وحرارة خاصة مركبة من القيود المذكورة خرج بها باقي الدماء غير دم الحيض وقد استفيدت هذه الخواص من الاخبار كقول أبى عبد الله عليه السلام دم الحيض حار تجد له حرقة وفي حديث آخر عنه عليه السلام دم الحيض حار عبيط أسود له دفع حرارة والعبيط بالعين والطاء المهملتين الخالص الطري وذكر الحرارة في الحديث الثاني مرتين للتأكيد أو أراد بالثانية معنى الحرقة المذكورة في الحديث الاخر وإنما خصصنا الثانية بذلك لقرينة الدفع المجاور لها فإن الحرقة كما قدمنا مسببة عنه وعن الحرارة وقوله من الجانب الأيسر جار على
(٥٩)