الاستدلال برواية محمد بن مسلم على المراد بحملها على أرطال مكة وفيه عدم القرينة الدالة من جهة الراوي ولا المروى عنه وحملها على المكية ليوافق العراقية ليس أولى من حملها على المدني ليوافق رواية الأشبار الثلاثة بناء على أن الألف والمأتين العراقية توافق رواية الأشبار بإضافة النصف كما ذكره جماعة منهم الشهيد رحمه الله في الذكرى مضافا إلى ما تقدم من أنهم عليهم السلام يفتون بمتعارف بلدهم الثالث دعوى مناسبتها لرواية الأشبار استبعادا لتحديد الشئ الواحد بأمرين مختلفين وفيه أن أكثر الأصحاب أفتوا في الأشبار بثلاثة ونصف في الابعاد الثلاثة وصرحوا بأن حمل الأرطال على العراقي تناسب ذلك وممن صرح بذلك الشهيد في الذكرى حيث أفتى بزيادة النصف في الأشبار واستند في التقدير بالعراقي إلى مقاربته للأشبار والمصنف في المخ اختار مذهب ابن بابويه في اسقاط النصف في الأشبار واستشهد أيضا للرطل العراقي بمناسبته للأشبار وأنت خبير بأن التفاوت بين قولي الأشبار نحو الثلث فالتحديد بالمختلفين للشئ الواحد الذي فر منه المصنف هو واقع على أحد القولين فإن ما بين قوليه في الأشبار من البعد قريب مما بين المدني والعراقي منه فأي قدر من الأشبار قارب العراقي بعد عن الاخر ويمكن الجواب بأن حملها على العراقي يقارب روايتي الأشبار معا وإن اختلفتا أكثر من مقاربة المدني لهما لزيادته فيبعد عن رواية الثلاثة أكثر من العراقي قطعا وحيث انحصر تقدير المساحة في الثلاثة أو الثلاثة ونصف كان ما بعد عنهما أبعد عن الصواب المحتمل تعلقه بكل واحدة منهما التقدير الثاني المساحة وللأصحاب في كميتها أقوال اختار المصنف منها أشهرها بقوله أو ما حواه ثلاثة أشبار ونصف طولا في عرض في عمق بان يضرب أحدها في الاخر ثم المجتمع في الثالث يبلغ الجميع مكسرا اثنين وأربعين شبرا وسبعة أثمان شبر معتبرة بشبر مستوى الخلقة ترجيحا للغالب المتعارف فما حواه هذا القدر من الماء هو الكر ولا اعتبار بالمحل بل يقدر مائه فما اختلفت أبعاده يعتبر مكسرها (ه خ ل) فإن بلغ ذلك كان كرا وإلا فلا ومستنده رواية أبي بصير عن الصادق عليه السلام إذا كان الماء ثلاثة أشبار ونصف في مثله ثلاثة أشبار ونصف في عمقه من الأرض فذلك الكر من الماء وفي طريق هذه الرواية عثمن بن عيسى وهو واقفي ولعل ضعفها به منجبر بالشهرة مع أن المصنف لم يجزم برد روايته بل توقف فيها في كتب الرجال والمراد بالتقدير ضرب الحساب لدلالة في عليه ولأنه يلزمه ذلك فيبلغ تكسيرها (ه خ ل) ما تقدم وقال الشيخ قطب الدين الراوندي ليس ذلك على سبيل الضرب بل ما بلغت أبعاده الثلاثة عشرة أشبار ونصفا فهو كر وهو شاذ لا وجه له وهو يقرب تارة من المشهور ويبعد عنه أخرى وأبعد فروضه عنه ما لو كان كل واحد من عرضه وعمقه شبرا وطوله عشرة ونصفا وأسقط القميون تبعا لشيخهم الصدوق النصف في الابعاد الثلاثة وتبعهم المصنف في المخ استنادا إلى صحيحة إسماعيل بن جابر عن الصادق عليه السلام قال الكر من الماء ثلاثة أشبار في ثلاثة أشبار وهذه الرواية أصح إسنادا من الأولى غير أن فيها إخلالا بذكر البعد الثالث وكان تركه إحالة له على البعدين المذكورين إذ الاخلال بذكره من غيره نصب دلالة عليه محل بمعرفة الكر عقيب السؤال عنه وهو غير لائق بحكمته عليه السلام ويمكن تطرق هذه الشبهة إلى الرواية الأولى أيضا إذ لم يصرح فيها باعتبار الثلاثة والنصف في العمق فيبقى مع هذه صحة السند ومع تلك شهرة العمل بمضمونها ولعل وصف الصحة أرجح وذهب العلامة جمال الدين بن طاوس إلى دفع النجاسة بكل ما روى وكأنه يحمل الزائد على الندبية وبأي قدر اعتبرنا الكر فمتى بلغه الماء الواقف لم ينجس إلا بتغير أحد أوصافه الثلاثة التي هي اللون والطعم والريح لا مطلق الأوصاف كالحرارة والبرودة بالنجاسة أي بواسطة ملاقاتها له
(١٤٠)