وإن كان بينك وبين صاحبك اليم المطلب الثاني في السهو والشك السهو غروب المعنى عن القوة الذاكرة مع ثبوته في الحافظة بحيث يلحظ الذهن عند التفاته إليه وذهابه عن الخزانتين معا يطلق عليه النسيان والمراد بالسهو هنا ما يعم الامرين والشك تساوى الاعتقادين المتضادين وتكافؤهما وقد يطلق السهو على الشك لاشتراكهما في العبارة ولكون السهو سببا في الشك غالبا فأطلق اسم السبب وقد استعمله المصنف في قوله لا حكم للسهو مع غلبة الظن بأحد الطرفين بل يبنى على الطرف الراجح لقول النبي صلى الله عليه وآله إذا شك أحدكم في الصلاة فلينظر أخرى ذلك إلى الصواب فليبن عليه وعن الصادق عليه السلام إذا وقع وهمك على الثلاث فابن عليه وإن وقع وهمك على الأربع فسلم وانصرف ولأن تحصيل اليقين عسر في كثير من الأحوال فاكتفى بالظن تحصيلا لليسر ودفعا للعسر وتنقيح المسألة يتم بمباحث أ إنك قد عرفت إن السهو زوال المعنى عن القوة وارتفاعه عن البال والشك تساوى الاعتقادين المقتضى لحضورهما بالبال وتردد الذهن بينهما بحيث لا يرجح أحدهما ومن المقرر إن الظن ترجيح أحد الامرين على الاخر ترجيحا غير مانع من النقيض وغلبته قوة هذا الترجيح ولا يخفى حينئذ إن السهو لا يجتمع مع الظن لتضادهما في الحضور القلبي وعدمه والمعية تقتضي الاجتماع فأما الشك فإنه وإن شارك الظن في حضور متعلقهما بالبال لكن شرط الشك تساوى الاعتقادين والظن اختلافهما وترجيح أحدهما على الاخر فلا يتحقق بينهما أيضا الاجتماع الحقيقي لكن يمكن فرض اجتماعهما بضرب من التجوز فإن الشك يعرض أولا ثم يجب على الشك التروي فإن غلب و ترجح عنده أحد الطرفين بعد إن كانا متساويين عمل على الراجح فباعتبار إيصال الشك بغلبة الظن في زمان قصير وترتب أحدهما على الاخر في حضور واحد متصل جاز التعبير عنهما بالمعية فيكون في العبارة مجاز إن أحدهما استعمال لفظ السهو في الشك والثاني جعله الشك مجامعا لغلبة الظن بأحد الطرفين ب أن في قوله لا حكم لهذه المسألة ونظائرها حكما بذلك فإن الحكم بعدم الحكم حكم وهو يناقض ظاهرا عدم الحكم وتوجيهه إن الحكم المنفى ليس هو مطلق الحكم بل حكم خاص وهو الحكم المبحوث عنه في هذا الباب من سجود السهو والاحتياط ونحوهما وهو لا ينافي ثبوت حكم آخر لها ويدل على إرادة الخاص سياق الكلام ومبحثه ج إنه اعتبر في سقوط الحكم غلبة الظن وقد عرفت أنه أمر آخر وراء الظن وهو يقتضى عدم الاكتفاء بمطلق الظن والنص يدل على الاكتفاء به لما تقدم من تعليق البناء على وقوع الوهم والمراد به هنا الظن وهو مطلق ترجيح أحد النقيضين ولو أريد به معناه المتعارف وهو الطرف المرجوح لم تكن حقيقته مرادة إجماعا فيصار إلى المجاز وهو القدر الراجح مطلقا أو إلى أقرب المجازات إلى الحقيقة وهو أول مراتب الرجحان والاكتفاء به في البناء يستلزم الاكتفاء بما هو أقوى منه بطريق أولى وكان من عبر بالغلبة تجوز بسبب إن الظن لما كان غالبا بالنسبة إلى الشك والوهم وصفه بما هو لازم له وأضاف الصفة إلى موصوفها بنوع من التكلف د معنى عدم الحكم مع غلبة الظن العمل على الطرف المظنون من غير أن يرتب عليه ما يأتي من الاحكام كما نبهنا عليه فإذا غلب ظن الشاك مثلا بين الثلث والأربع بعد التروي على الثلث بنى عليها وأكملها ركعة ولا احتياط أو على الأربع بنى عليها كذلك ولو كان الشك بين الأربع والخمس فغلب ظنه على الخمس بطلت صلاته إن لم يكن جلس عقيب الرابعة بقدر التشهد وإن غلب على الأربع سلم ولا يجب عليه سجود السهو و إن تساوى الاحتمالان فسيأتي حكمه ه لا فرق في ذلك بين الأوليين والأخيرتين ولا بين الرباعية والثلاثية والثنائية فإذا حصل الشك في موضع يوجب البطلان كالثنائية وغلب الظن على أحد الطرفين بنى عليه وإن
(٣٤٠)