الجزئي إنما ينفى الكثرة الخارجية والتعدد الذاتي كزيد مثلا وهو مرادف للواحد فليس فيه إلا نفى الشريك المماثل مع جواز الكثرة بحسب أجزائه وصفاته بخلاف الأحد فإنه يقتضى نفى التعدد والكثرة (والتكثر خ ل) فيه مطلقا حتى في الصفات فإنها اعتبارات ونسب لا وجود لها في الخارج كما قال علي عليه السلام وكمال الاخلاص له نفى الصفات عنه سلمنا لكن المعارضة إنما تتم لو جعلنا هو ضمير الشأن والله أحد مبتدأ وخبرا في موضع خبر هو وليس ذلك متعينا لجواز كون هو مبتدءا واحد بمعنى المسؤول عنه لأنهم قالوا ربك من نحاس أم من ذهب فعلى هذا يجوز أن يكون الله خبر المبتدأ واحد بدلا وحينئذ فلا يلزم من تساويهما في المعنى انتفاء كونه جزئيا حقيقيا والرحمن الرحيم إسمان بنيا للمبالغة من رحم بتنزيله منزلة اللازم أو بجعله لازما ونقله إلى فعل بالضم والرحمة لغة رقة القلب وانعطاف يقتضى الاحسان فالتفضل غايتها وأسماؤه تعالى المأخوذة من نحو ذلك إنما تؤخذ باعتبار الغاية دون المبدء فالرحمة في حقه تعالى معناها إرادة الاحسان فتكون صفة ذات أو الاحسان فتكون صفة فعل فهي أما مجاز مرسل في الاحسان أو في إرادته وأما استعارة تمثيلية بأن مثلت حاله تعالى بحالة ملك عطف على رعيته ورق لهم فغمرهم معروفه فأطلق عليه الاسم وأريد به غايته التي هي فعل لا مبدؤه الذي هو انفعال والرحمن أبلغ من الرحيم لان زيادة المباني تدل على زيادة المعاني كما في قطع وقطع وكبار وكبار وتقض بحذر فإنه أبلغ من حاذر وأجيب بأن ذلك أكثري لا كلي وبأنه لا تنافى أن يقع في الأنقص زيادة معنى بسبب آخر كالالحاق بالأمور الجبلية كشره ونهم وبأن الكلام فيما إذا كان المتماثلان في الاشتقاق متحدي النوع في المعنى كغرث وغرثان وصد وصديان لا كحذر وحاذر للاختلاف وإنما قدم والقياس يقتضى الترقي من الأدنى إلى الأعلى كقولهم عالم نحرير وجواد فياض لأنه صار كالعلم من حيث أنه لا يوصف به غيره أو أنه صفة في الأصل لكنه صار علما بالغلبة كما اختاره جماعة من المحققين قال ابن هشام ومما يوضح أنه غير صفة مجيئه كثيرا غير تابع نحو الرحمن علم القرآن قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن انتهى وفيه إمكان بناء ذلك على حذف الموصوف وإبقاء الصفة كقوله تعالى أن أعمل سابغات وأرسلنا رسلنا بالبينات ويرجح الأول مجازية الاضمار ويبتنى على علميته أنه بدل لا نعت وإن الرحيم بعده نعت له لا للاسم دونه إذ لا يتقدم البدل على النعت الحمد وهو لغة الثناء باللسان على الجميل الاختياري على جهة التعظيم فخرج بالجميل الثناء على غيره على قول بعضهم إن الثناء حقيقة في الخير والشر وعلى رأى الجمهور أنه حقيقة في الخير فقط ففائدة ذكر ذلك تحقيق الماهية أو دفع توهم إرادة الجمع بين الحقيقة والمجاز عند مجوزه من الأصوليين وبالاختياري المدح فإنه يعم الاختياري وغيره عند الأكثر وعلى القول بالاخوة بمعنى الترادف يحذف القيد ليعم وعلى جهة التعظيم يخرج ما كان على جهة الاستهزاء أو السخرية كذق إنك أنت العزيز الكريم ويتناول الظاهر والباطن إذ لو تجرد عن مطابقة الاعتقاد أو خالفه أفعال الجوارح لم يكن حمدا بل هو تهكم أو تمليح وهذا لا يقتضى دخول الجوارح والجنان في التعريف لأنهما اعتبرا فيه شرطا لا شطر أو نقض في عكسه بالثناء على الله تعالى بصفاته الذاتية فإنها ليست اختيارية وأجيب بأنه يتناولها تبعا أو أنها منزلة منزلة أفعال اختيارية حيث إن ذاته اقتضت وجودها على ما هي عليه أو أنها مبدأ أفعال اختيارية فالحمد عليها باعتبار تلك الأفعال فالمحمود عليه اختياري في المال تنزيلا للمسبب منزلة السبب والكل تكلف والحمد عرفا فعل ينبي عن تعظيم المنعم من حيث أنه منعم على الحامد أو غيره سواء كان باللسان أم بالجنان أم بالأركان والشكر
(٤)