على ذلك نظر وبالجملة فالاخبار الموجودة في هذا الباب مختلفة على وجه لا يكاد يمكن الجمع بينها ففي خبر الصحاف عن الصادق عليه السلام تعليق وجوب الأغسال الثلاثة على السيلان وعدم وجوب الغسل بل الوضوء لكل صلاة على عدمه وخبر معوية بن عمار وزرارة المتقدمان علق فيهما الحكم بالثلاثة على النفوذ وروى حماد بن عيسى عن حريز عن زرارة قال في النفساء تقعد بقدر حيضها وتستظهر بيومين فإن انقطع الدم وإلا اغتسلت واحتشت واستثفرت وصلت فإن جاز الدم الكرسف تعصبت واغتسلت ثم صلت الغداة بغسل والظهر والعصر بغسل والمغرب والعشاء بغسل وإن لم يخبر الدم الكرسف صلت بغسل واحد وقريب منه خبر سماعة وحمل أكثر الأصحاب هذين الخبرين على الغمس وإن كان عدم جواز الكرسف أعم منه فدلا على الحالة الوسطى لعدم التصريح بها في خبر على الخصوص لكنها موقوفان كما عرفت وقد استبعد أصحاب التفصيل رواية زرارة مع فضله وثقته عن غير إمام وصحيحة عبد الله بن سنان دلت على الاغتسال ثلاثا من غير تفصيل أصحاب القول المشهور جمعوا هذه الأحاديث بما ذكروه من الحالات الثلث وفيه نظر وإن سال الدم عن الكرسف وجب عليها مع ذلك المذكور في الحالتين وهو خمسة أشياء شيئان آخران غسل للظهر والعصر تجمع بينهما بأن تؤخر الأولى إلى اخر وقت فضيلتها وتقدم الثانية في أول وقتها كذلك على الأفضل وغسل للمغرب والعشاء تجمع بينهما في آخر وقت الأولى وأول وقت الثانية كذلك وهذه الحالة لا خلاف في وجوب الأغسال الثلاثة فيها وإنما الخلاف في الوضوء فذهب ابن أبي عقيل إلى عدم وجوب الوضوء هنا كما سلف وكذلك السيد المرتضى بناء على أصله من عدم إيجاد الوضوء مع غسل من الأغسال وذهب المفيد إلى الاكتفاء بوضوء واحد للظهرين كالغسل ومثله للعشائين والأخبار الصحيحة دلت على المشهور واعلم أن وجوب الأغسال الثلاثة في هذه الحالة إنما هو مع استمرار الدم سائل إلى وقت العشائين فلو طرأت القلة بعد الصبح فغسل واحدا وبعد الظهرين فغسلان خاصة وهو ظاهر وإن اعتبار الجمع بين الصلاتين إنما هو للاكتفاء بغسل واحد لهما فلو فرقتهما واغتسلت لكل واحد غسل صح أيضا بل ربما كان أفضل كما تراعى معاقبة الصلاة للغسل كذلك تراعى معاقبتها للوضوء على أحوط القولين لان العفو عن حدثها المستمر الواقع في الصلاة أو بينها وبين الطهارة انما وقع للضرورة فيقتصر على ما يقتضيه وما لا يمكن الانفكاك عنه واعتبار الجمع بين الفرضين بغسل يدل عليه ويقدح في ذلك الاشتغال بعده بالستر وتحصيل القبلة والأذان والإقامة لأنها مقدمات الصلاة ولا انتظار الجماعة على ما اختاره المصنف في النهاية والشهيد في الدروس وربما منع ذلك لعدم الضرورة ومنع المصنف في المختلف من اعتبار معاقبة الصلاة للوضوء محتجا بعموم الأدلة على تجويز فعل الطهارة في أول الوقت وعلى توسعة الوقت وعدم دلالة الاخبار على ذلك إذ في بعضها تتوضأ عند وقت كل صلاة وفي بعضها الوضوء لكل صلاة وفي بعضها صلت كل صلاة بوضوء وأجيب بما تقدم وبأن الصلاة بالحدث مخالف للأصل فتجيب تقليله ما أمكن وفيه منع لخروج المستحاضة من البين بالنص الخاص الذي لا يدل على ذلك ولا ريب أن الاحتياط طريق البراءة يقينا بقي هنا أمور لا بد من التنبيه عليها ليتم بها أحكام المستحاضة أحدها إن الاعتبار في كمية الدم بالنسبة إلى أحواله الثلاثة هل هو في جميع الأوقات بمعنى أن الكثرة مثلا متى حصلت كفت في وجوب الغسل وإن كانت منقطعة في وقت الصلاة فلو حصلت بعد صلاة الفجر مثلا وانقطعت قبل الظهر وجب الغسل لها وكذا يكفي طروها بعد الظهرين إلى وقت صلاة العشائين كما يشعر به خبر الصحاف في قوله عليه السلام فلتغتسل وتصلى الظهرين ثم لتنظر فإن كان الدم لا يسيل فيما بينها وبين المغرب فلتتوضأ ولا غسل عليها وإن كان إذا أمسكت يسيل من خلفه صبيبا فعليها الغسل
(٨٤)