قد تجاوز نصف السورة وأراد المأموم القراءة من أول سورة لم يجز له العدول عنها وكذا لو كانت مفارقته في الجحد والتوحيد مطلقا إلا مع الانتقال إلى الجمعتين وعلى القولين الآخرين له قراءة أي سورة شاء وتقييد المصنف جواز المفارقة بالنية بمعنى أنه لو فارق لا مع النية أثم وصحت الصلاة مع احتمال الفساد للنهي وكذا يجوز للمأموم التسليم قبل الامام لما رواه أبو المعزا عن الصادق عليه السلام في الرجل يصلى خلف إمام فيسلم قبل الإمام قال ليس بذلك بأس وهل يفتقر إلى نية الانفراد لا ريب فيه إن قلنا بوجوب المتابعة في الأقوال لمساواته لغيره من الأفعال وبه صرح الشهيد رحمه الله في الذكرى وهو واضح على مذهبه وأما من لم يوجب المتابعة فيها فالظاهر أنه لا يفتقر إلى النية لانقطاع القدوة الواجبة بالقيام من السجود ويدل عليه إطلاق المصنف والجماعة جواز التسليم قبله من غير تعرض للنية وكذا الرواية بل لو افتقر إلى النية لم يكن لذكره فائدة لدخوله في المسألة السابقة وقد اصطلح الأصحاب على ذكره مع ذكرهم لجواز المفارقة مطلقا ووردت به الاخبار ولا فائدة فيه إلا ذلك بل هو يؤيد عدم وجوب المتابعة في الأقوال كما مر وروى علي بن جعفر عن أخيه عليه السلام في الرجل يكون خلف الامام فيطيل التشهد فيأخذه البول أو يخاف على شئ أن يفوت أو يعرض له وجع قال يسلم وينصرف والسؤال والسؤال عن حالة العذر لا يدل على عدم الجواز بدونه المقصد الثالث في صلاة الخوف وهي مشروعة في زمن الرسول صلى الله عليه وآله وبعده للآية والتأسي وفعل أمير المؤمنين عليه السلام في صفين ليلة الهرير وقيل إن الحكم في حالة الخوف قبل نزول قوله تعالى وإذا كنت فيهم الآية كان تأخير الصلاة إلى أن يحصل الامن ثم يقضى فنسخ بصلاة الخوف ولهذا أخر النبي صلى الله عليه وآله يوم الخندق أربع صلوات ثم قضاها وقد مرت الرواية وصلاة الخوف أنواع أشهرها صلاة ذات الرقاع صلاها النبي صلى الله عليه وآله وقيل إن الآية نزلت بها وقد اختلف في وجه تسميتها بذلك فقيل لان القتال كان في سفح جبل فيه جدد حمر وصفر وسود كالرقاع وقيل كانت الصحابة حفاة فلفوا على أرجلهم الجلود والخرق لشدة الحر وقيل لرقاع كانت في ألويتهم وقيل إنه موضع مر به ثمانية نفر حفاة فتشققت أرجلهم وتساقطت أظفارهم فكانوا يلفون عليها الخرق هي على ثلاثة أميال من المدينة عند بئر أروما وقيل موضع من نجد وهي أرض غطفان وشروط صلاة ذات الرقاع أربعة أحدها كون الخصم في خلاف جهة القبلة إما في دبرها أو عن يمينها وشمالها بحيث لا يمكنهم مقابلته وهم يصلون إلا بالانحراف عن القبلة لان النبي صلى الله عليه و آله إنما صلاها والعدو في خلاف جهة القبلة وحينئذ لو كان العدو في جهة القبلة وأمكنهم أن يصلوا جميعا ويحرس بعضهم بعضا صلوا صلاة عسفان وأسقط المصنف هذا الشرط (في غير هذا الكتاب صح) وجوز صلاة ذات الرقاع أيضا لعدم المانع وفعل النبي صلى الله عليه وآله وقع اتفاقا لا أنه كان شرطا ورجحه الشهيد رحمه الله وهو حسن ووجه الأول أن صلاة عسفان ليس فيها تفريق ولا مخالفة شديدة لباقي الصلوات من انفراد المؤتم مع بقاء حكم ايتمامه ومن انتظار الامام إياه وايتمام القائم بالقاعد كما هو موجود في صلاة ذات الرقاع وثانيها أن يكون العدو ذا قوة يخاف هجومه على المسلمين حال الصلاة فلو ضعف بحيث يؤمن منه الهجوم انتفت هذه الصلاة لعدم الخوف المجوز للمخالفة المتقدمة وثالثها أن يكون في المسلمين كثرة يمكنهم الافتراق طائفتين تقاوم كل فرقة منهما العدو حالة صلاة الأخرى فلو لم يمكن ذلك لم تتحقق هذه الصلاة وهذا الشرط إنما يعتبر لو انحصر عسكر المسلمين فيهم فلو كان معهم قوم من الكفار يقاتلون معهم كالمؤلفة لا يصلون بحيث يقاومون العدو حال صلاة المسلمين سقط هذا الشرط ولو افتقروا إلى مساعد من المسلمين لا يقاوم العدو مستقلا سقط أيضا فيبقى الامام معهم من المسلمين من تحصل به الكفاية ويصلى بالباقين إذا كانوا مثلهم
(٣٧٩)