والنهوض إلى القيام فلبس من الأفعال المعهودة شرعا وإنما هو من مقدمات الواجب فلا يعد الدخول فيها دخولا في فعل من أفعال الصلاة لا يعدها الفقهاء أفعالا عند عد الأفعال فلا ينافي ذلك خبر زرارة إذا خرجت من شئ ثم دخلت في غيره ولعل هذا هو السر في قوله عليه السلام ثم دخلت في غيره بعد قوله خرجت من شئ إذ لو لم يكن هنا واسطة كان الخروج من الشئ موجبا للدخول في الاخر فلا يحسن الجمع بينهما عاطفا بثم الموجبة للتعقيب المتراخي وحينئذ نقول إذا شك في النية وقد كبر أو في أثناء التكبير لم يلتفت لما قررناه في باب النية من عدم وجوب استحضارها فعلا إلى الآخرة وهو فعل حقيقي وكذا لو شك في التكبير وقد شرع في القراءة أما في القراءة وقد أخذ في الركوع ولم يصل إلى حده رجع لعدم الوصول إلى فعل من أفعال الصلاة وإنما هو مشتغل بمقدمة الواجب الذي لا يتم إلا بها وكذا لو شك في الركوع قبل وضع الجبهة على الأرض وما في حكمها أو في التشهد في أثناء النهوض أو في السجود كذل حيث لا تشهد بعده لان الواجب الذاتي هو القيام الذي لا يتحقق إلا بكمال الانتصاب والنهوض إليه مقدمة له والموجب للمصير إلى هذا التوجيه الجمع بين صحيحة زرارة المقتضية لعدم العود متى خرج من فعل ودخل في غيره ومثله صحيحة إسماعيل بن جابر وخبر عبد الرحمن بن الحجاج المقتضى للعود إلى السجود للشاك فيه متى لم يستو قائما فإن النهوض ح ليس استواء في القيام لكن بقي هنا مواضع آخر يقع فيها الاشتباه أحدها الشك في السجود وهو متشهد فإن مقتضى الجمع والتقرير عدم الالتفات لان التشهد فعل محض وخبر عبد الرحمن مطلق في العود إلى السجود قبل تمام القيام فيشمل ما كان بعده تشهد وما لم يكن وأيضا فبعض الأصحاب مثل الشهيد رحمه الله ساوى بين الامرين في وجوب العود محتجا بخبر عبد الرحمن ويمكن اخراج هذا الفرد من خبره وتقييده لما لو لم يكن بعد السجود تشهد بقرينة قوله فيه رجل نهض من سجوده فشك قبل أن يستوى قائما فلم يدر أسجد أو لم يسجد فإن عطف الشك على النهوض بالفاء المقتضية للتعقيب بغير مهلة يدل على عدم تخلل التشهد بخلاف صحيحة زرارة وإسماعيل بن جابر فإنهما دلتا صريحا على التعميم خصوصا قوله عليه السلام في صحيحة إسماعيل كل شئ مما جاوزه ودخل في غيره فليمض عليه وهذا بيان واضح الثاني الشك في القراءة وهو قانت فإن مقتضى الصحيحين عدم وجوب العود ومفهوم قوله في خبر زرارة قلت شك في القراءة وقد ركع فإن يمضى انه لو لم يكن ركع يعود فيدخل فيه ما لو كان قانتا وخبر عبد الرحمن يقتضيه أيضا فإن العود إلى الفعل مع الشروع في واجب وإن لم يكن مقصودا بالذات قد يقتضى العود مع الشروع في المندوب بطريق أولى ويمكن أن يقال هنا إن القنوت ليس من أفعال الصلاة المعهودة فلا يدخل في الخبرين ولا يكاد يوجد في هذا المحل احتمال أو إشكال الا وبمضمونه قائل من الأصحاب الثالث الشك في الحمد وهو في السورة والذي يقتضيه المبحث وجوب العود إليها لان القراءة فعل واحد فلا بد في الحكم بعدم العود إليها من الانتقال إلى غيرها على الوجه المتقدم وذهب بعض الأصحاب إلى عدم وجوب العود بناء على أنهما واجبان وشيئان مستقلان فيدخلان في العموم المتقدم في الخبر وما أبعد ما بين هذا القول وبين ما ذهب إليه المصنف من وجوب العود إلى السجود عند الشك فيه بعد القراءة ما لم يركع الرابع الشك في ذكر الركوع أو السجود أو الطمأنينة فيهما أو السجود على بعض الأعضاء غير الجبهة بعد رفع الرأس منهما وقد وقع الاتفاق هنا على عدم العود إلى هذه الأشياء مع أنه لم يدخل في فعل آخر على الوصف الذي ذكر ويمكن التخلص منه بوجهين أحدهما منع كون الرفع منهما ليس فعل مستقل بل لهما فعلان ذاتيان قد عدهما الفقهاء واجبين برأسهما فيذكرون في واجبات الركوع رفع الرأس منه فلو هوى من غير رفع بطل ورفع الرأس من السجدة الأولى والجلوس بينها
(٣٥٠)