لأنها مرض مخصوص بخلاف الحيض فإنه دال على اعتدال المزاج ومن ثم كان عدم الحيض في الجارية ستة أشهر ممن شأنها ذلك عيب ترد به ولم تحد المستحاضة إذا وجب عليها الحد حتى تبرأ وإنما حكم بذلك مع مخالفتهما لأوصاف الدم الملحقين به لان تلك الأوصاف مبنية على الغالب كما تقدم وعبر بالمصدر في الشق الأول دون الثاني للفرق بين ما ورد في لفظ الرواية وما أكمله المصنف من لفظه قال الصادق عليه السلام السنة في الحيض أن تكون الصفرة والكدرة فما فوقها في أيام الحيض إذا عرفت حيضا كله (كلها ط) واعلم أن الدم المحكوم بكونه حيضا متى انقطع على العشرة فما دون حكم كونه حيضا كله سواء في ذلك من ابتدأها الحيض والمعتادة بأقسامها والمضطربة العادة ولو تجاور الدم عشرة أيام فقد امتزج الحيض بالطهر لما علمت من أن الحيض لا يزيد عن عشرة فلا يخلو حينئذ أما أن تكون مبتدأة وذات عادة مستقيمة محفوظة أو مضطربة ناسية لعادتها وقتا وعددا أو وقتا خاصة أو عددا خاصة أو لم تستقر لها عادة أصلا وربما خصت هذه خاصة باسم المضطربة و سيأتي أنها داخلة في قسم المبتدأة وعلى التقادير الستة فأما أن يكون لها تمييز أو لا فالأقسام اثني عشر تعلم مفصلة إن شاء الله فإن كانت ذات عادة محفوظة رجعت ذات العادة المستقرة إليها ومعنى رجوعها إليها إن تجعل مقدار العادة حيضا وما زاد استحاضة فتقضى ما تركته فيه من صوم وصلاة لثبوت كونها طاهرة فيه وما احتملته من كونه حيضا قد تبين فساده ويستفاد من إطلاق الحكم برجوع ذات العادة إليها مع تقديمها وجعلها قسيمة لرجوع ذات التمييز إليه أنه لو عارض العادة تمييز قدمت العادة عليه وهذا هو أصح القولين وأشهرهما ومختار المصنف ومستنده الأخبار الدالة على اعتبار العادة مطلقا من غير تقييد بانتفاء التمييز كقوله صلى الله عليه وآله دعي الصلاة أيام إقرائك وقول الصادق عليه السلام في صحيحة إسحاق بن جرير حيث سأله عن امرأة يستمر بها الدم الشهر والشهرين والثلاثة كيف تصنع قال تجلس أيام حيضها ثم تغتسل لكل صلاتين وترك الاستفصال مع قيام الاحتمال يدل على العموم في المقال ورجح الشيخ في النهاية التمييز لقول الصادق عليه السلام في صحيح معوية بن عمار دم الحيض حار وقوله عليه السلام في حسنة حفص دم الحيض حار عبيط أسود له دفع وحارة وهو دال على اعتبار التمييز من غير تقييد وحمل هذه الأخبار على غير المعتادة طريق الجمع بينها وبين ما دل على اعتبار العادة مطلقا ولقوة العادة المتكررة ولا يقال إن صفة الدم علامة فتصير إليها عند الاشتباه كالصفة في المنى عنده لان صفة الدم يسقط اعتبارها في العادة لأنها أقوى من الوصف ولرواية محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام في المرأة ترى الصفرة في أيامها قال لا تصلى حتى تنقضي أيامها فإن رأت الصفرة في غير أيامها توضأت وصلت وربما فرق بعضهم بين العادة المستفادة من الاخذ والانقطاع والمستفادة من التمييز فقدم الأولى عليه دون الثانية لأنها فرعه فلا تزيد على أصله هذا كله مع عدم إمكان الجمع أما لو أمكن كما لو تخلل بينهما من الدم الضعيف أقل الطهر حكم به في العادة والتمييز لامكانه نص عليه المصنف في النهاية ونبه عليه في الذكرى ولو لم تكن ذات عادة مستقرة محفوظة بل كانتا أحد الأقسام الاخر فلا يخلو أما أن يكون لها تمييز أو لا فإن كان لها تمييز رجعت ذات التمييز إليه والتمييز مصدر قولك ميزت الشئ أميزه تمييزا إذا فرزته وعزلته والمراد بها هنا التي ترى الدم على نوعين أو أنواع أحدها أقوى فتجعله حيضا والباقي استحاضة وله شروط اختلاف صفته كما قلناه فلو كان بصفة واحدة فلا تمييز وكون ما هو بصفة الحيض أو الأقرب إليه لانتقص عن ثلاثة أيام ولا يزيد عن عشرة أيام لان الحاقة به يوجب ذلك وكون الضعيف لا ينقص عن أقل الطهر ويضاف إليه أيام النقاء إن اتفق لان جعل القوى حيضا يوجب جعل الضعيف طهرا لأنه مقابله وربما احتمل هنا عدم الاشتراط لعموم قول النبي صلى الله عليه وآله دم الحيض أسود يعرف (يحرق خ ل) وبالاشتراط جزم المصنف في النهاية ولا يشترط
(٦٥)