إلى رواية الأصحاب لكن مع إخلالها بالغسل إنما يجب عليها القضاء دون الكفارة وهو اختيار المصنف في التذكرة و الشهيد وجماعة لأصالة عدم وجوبها وعدم الدليل وكذا القول في الحائض والنفساء بطريق أولى لما تقدم من الخلاف في اشتراط صومهما بالغسل دونها وأوجب المصنف في المختلف عليها الكفارة والمراد بالأغسال المشترطة في صحة الصوم الأغسال النهارية ولا يشترط في صحة صوم يوم غسل الليلة المستقبلة لسبق تمامه وقد تقدم وهل يشترط في اليوم الحاضر غسل ليلته الماضية وجهان والحق أنها إن قدمت غسل الفجر ليلا أجزأ عن غسل العشائين بالنسبة إلى الصوم وإن أخرته إلى الفجر بطل الصوم هنا وإن لم نبطله لو لم يكن غيره واعلم إن إطلاقهم الحكم بتوقف الصوم على الأغسال المعهودة يشعر بعدم وجوب تقديم غسل الفجر عليه للصوم لان المعتبر منه للصلاة ما كان بعد الفجر فليكن للصوم كذلك لجعلهم الاخلال به مبطلا للصوم ولا يبعد ذلك وإن كان دم الاستحاضة حدثا في الجملة لمغايرته لغيره من الاحداث على بعض الوجوه ويحتمل وجوب تقديمه على الفجر هنا لأنه حدث مانع من الصوم فيجب تقديم غسله عليه كالجنابة والحيض المنقطع ولأن جعل الصوم غاية لوجوب غسل الاستحاضة مع الغمس يدل عليه لان ما كان غايته منها الفعل يقدم عليه ولأن اغتفاره في بعض الأحيان بالنسبة إلى العبادات للمشقة لا يوجب القياس عليه وقطع الشهيد رحمه الله بوجوب تقديمه وتوقف المصنف في النهاية وعلى القول بوجوب التقديم هل يراعى في فعله تضيق الليل لفعله بحيث يجب الاقتصار من التقديم على ما يحصل به الغرض أم يجوز فعله فيه مطلقا لا ريب أن مراعاة التضيق أحوط تقليلا للحدث بينه وبين الصلاة بحسب الامكان ولأن اغتفار الحدث الطارئ بينه وبينها رخصة فيقتصر فيها على مواضع الضرورة وحكمهم بتقديمه من غير تقييد يشعر بعدم اعتباره وجعله في الذكرى مع الصوم كغسل منقطعة الحيض وهو يشعر أيضا بعدم اعتبار التضيق ويستفاد من توقف الصوم على الأغسال دون الوضوءات كون الوضوء المصاحب للغسل المكمل به ليس جزأ من المؤثر في رفع الحدث الأكبر وإلا لتوقف الصوم عليه أيضا لتوقفه على ارتفاع حكم الحدث الأكبر بتمامه وربما قيل بتوقف رفع الأكبر عليهما فيحكم بفساد الصوم بالاخلال بالوضوء وهو ضعيف ويتفرع على ذلك عدم إعادة وجوب الغسل المتخلل بالحدث الأصغر إذ لا دخل للوضوء في رفع الحدث الأكبر ولا يوجب الأصغر سوى الوضوء فيكفي إعادة الوضوء بعد الغسل إن كان قدمه عليه وإنما لم يثبت هذا الحكم في غسل الجنابة لعدم مجامعته للوضوء وامتناع خلو الحدث عن أثر وعدم صلاحية ما بقي من أفعال الغسل لكمال التأثير وقد تقدم تحقيق ذلك كله ولو أخلت بالوضوء المصاحب للغسل أو المنفرد عنه أو أخلت بالغسل أو بباقي ما يجب عليها من الأفعال كتغيير القطنة والخرقة وغسل ما ظهر من المحل لم تصح صلاتها لتوقف الصلاة على رفع الحدث والخبث معا على هذا الوجه فمع إخلالها ببعض ما ذكر أما محدثة أو ذات نجاسة لم يعف عنها وبما ذكرنا يظهر قصور العبادة وإن ترك ذكره للاخلال بالأفعال لا وجه له والطواف حكمه حكم الصلاة فيبطله الاخلال بشئ من الأفعال والظاهر إن حكم اللبث في المساجد غير المسجدين مع أمن التلويث وقراءة العزائم حكم الصوم فيعتبر فيهما الغسل خاصة إن لم يجوز لها دخول المساجد مطلقا وإن كان ما تقدم من العبارة يوهم توقفهما على جميع الأفعال وغسلها كالحائض في جميع الأحكام حتى في الاحتياج معه إلى الوضوء على أصح القولين قبله على الأفضل أو بعده وفي جواز نية الرفع فيهما والاستباحة إذا وقعا بعد الانقطاع أما قبله فيتعين الاستباحة على المشهور وفيه بحث لا يدخل هذا المقام ويستثنى من ذلك وجوب الموالاة فإنها معتبرة في هذا الغسل
(٨٧)