جعله سبحانه غاية لتحريم خروجهن من الحيض بقوله حتى يطهرن بالتخفيف كما قرأ به السبعة أي يخرجن من الحيض يقال طهرت المرأة إذا انقطع حيضها فيثبت الحل بعده مقتضى الغاية ولا يعارض بقراءة التضعيف حيث أن ظاهرها اعتبار التطهير أعني الاغتسال لامكان حملها على الطهر توفيقا بين القراءتين فقد جاء في كلامهم تفعل بمعنى فعل مثل تطعمت الطعام وطعمته وقطعت الحبل فتقطع وكسرت الكوز فتكسر فإن الثقيل في هذه الأمثلة بمعنى الخفيف ومثله للتكبر في أسماء الله تعالى فإنه بمعنى الكبر أو تحمل قراءة التضعيف على الاستحباب صونا للقراءتين عن التنافي كما ذكره في المعتبر ولا يعارض أيضا بمفهوم الشرط في قوله تعالى فإذا تطهرن فأتوهن لان غايته تعارض مفهوم الغاية والشرط فيتساقطان ويرجع إلى حكم الأصل وهو الحل حتى يقوم الدليل على التحريم أو أنه مستأنف منقطع عما قبله ولا تكون غاية الزمان الحظر ولا شرطا لإباحة قربهن أو أن المراد به غسل الفرج وأما الاخبار فمنها ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال المرأة ينقطع عنها دم الحيض في آخر أيامها قال إن أصابه شبق فليأمرها بغسل فرجها ثم يمسها إن شاء ومنها ما رواه علي بن يقطين عن أبي الحسن قال سألته عن الحائض ترى الطهر أيقع عليها زوجها قبل أن تغتسل فقال لا بأس وبعد الغسل أحب إلى وهذا الحديث دال على الكراهة وذهب الصدوق أبو جعفر محمد بن بابوية إلى التحريم محتجا بالآية مفسرا معنى يطهرن مخففا ومثقلا بمعنى يغتسلن وبمفهوم الشرط وبما رواه أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن امرأة كانت طامثا فرأت الطهر أيقع عليها زوجها قبل أن تغتسل قال لا تغتسل وبما رواه سعيد بن يسار عنه عليه السلام إلى قوله لزوجها أن يأتيها قبل أن تغتسل قال لا حتى تغتسل وأجيب بالحمل على الكراهة توفيقا بين الاخبار كما وفق بين القرأتين هذا أقصى ما وجهوا به القولين حجة وجوابا وأقول في حجة الحل نظر من وجوه الأول الطهر مطلقا على انقطاع الدم مع أنه حقيقة شرعية في أحد الثلاثة أعني الوضوء والغسل والتيمم كما لا يخفى وغاية ما ذكروه أن يكون ثابتا في اللغة والحقايق الشرعية مقدمة على اللغوية والعرفية فقراءة التخفيف وإن صلحت لهما لغة لكنها محمولة شرعا على الحالة الحاصلة لهن بعد فعل الطهارة الشرعية وقراءة التشديد كالصريحة فيها الثاني حمل قراءة التشديد على التخفيف استنادا إلى الشواهد المذكورة مع ما هو معلوم من القواعد العربية من أن كثرة المباني تدل على كثرة المعاني وهذا هو الكثير الشائع وما وقع من اتفاقهما نادرا لا يوجب المصير إليه وترك الأكثري مع أن أكثر الشواهد ليست مطابقة فإن باب تفعل الجاري عليه كسرت الكوز فتكسر ونحوه قطعت الحبل فتقطع ليس مما نحن فيه الثالث أن صدر الآية وهو قوله تعالى ولا تقربوهن حتى يطهرن إنما دل على تحريم الوطئ في وقت الحيض ولا يلزم منه اختصاص التحريم بوقته إذ لا يلزم من تحريم شئ في وقت أو مكان مخصوص اختصاص التحريم به لأنه أعم منه ولا دلالة لعام على أفراده المعينة نعم ربما دل بمفهوم الوصف على الاختصاص وهو ليس بحجة عند المصنف والجماعة فكيف يحتجون به الرابع قولهم في جواب الغاية والشرط أنه قد تعارض مفهومان إلح لا يتم بعد ما قررناه فإنه لو حمل على الطهارة الشرعية أعني الغسل لم يفع تناف أصلا واستغنى عن التكلف ويؤيده قوله في آخر الآية أن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين فإن الموصوف بالمحبة من فعل الطهارة بالاختيار حتى يستحق المدح والثناء وأما من حصل له الطهارة بغير اختياره كانقطاع الدم لا يستحق لذلك الوصف بالمحبوبية خصوصا وقد قرنها بالتوبة الصادرة عن الاختيار ولو سلم فمفهوم الشرط أقوى الخامس اعتمادهم في رفع التنافي على كون قوله تعالى فإذا تطهرن كلاما مستأنفا كما قرره المصنف في المخ لا يدفع التنافي بوجه لان الحجة ليست في كونه معطوفا على ما قبله حتى يدفعه الحمل على الاستيناف بل في تصديره
(٧٩)