وإن استمر العلم سلمنا لكن يتناول ما لو ذهل فاقد الطهور عن الصلاة بعد وجود المطهر وذكرها في وقت أخرى فيجب عليه حينئذ قضاؤها للامر به في الحديث ومتى ثبت هذا الفرد ثبت غيره لعدم القائل بالفرق سلمنا لكن الخبر يتناول الناسي والنائم وغيرهما فيعود الذكر إلى من يمكن تعلقه به وذلك لا يوجب التخصيص به ويؤيد ذلك ما رواه زرارة أيضا عن الباقر عليه السلام فيمن صلى بغير طهور أو نسي صلوات أو نام قال يصليها إذا ذكرها في أي ساعة ذكرها ليلا أو نهارا فذكر فيه الناسي والذاكر ثم علق الامر بالقضاء على الذكر ويدل عليه أيضا ما رواه زرارة عن الباقر عليه السلام إذا نسي الرجل صلاة أو صلاها بغير طهور وهو مقيم أو مسافر فذكرها فيقض الذي وجب عليه لا يزيد على ذلك ولا ينقص الحديث ووجه الدلالة قوله عليه السلام صلاها بغير طهور فإنه يشمل بإطلاقه القادر على تحصيل الطهور والعاجز عنه ومتى وجب القضاء على تارك الطهور مع كونه قد صلى فوجوبه عليه لو لم يصل بطريق أولى وقد تقدم البحث عن هذه المسألة في باب التيمم وهذا القدر متمم لما هناك وقد ظهر منهما إن وجوب القضاء هنا أرجح ويقضى في السفر ما فات في الحضر من الصلوات تماما اعتبارا بحالة الفوات وكذا يقضى في الحضر ما فات في السفر قصرا لقول النبي صلى الله عليه وآله فليقضها كما فاتته وروى زرارة عن الصادق عليه السلام في رجل فاتته صلاة في السفر فذكرها في الحضر قال يقضيها كما فاتته إن كانت صلاة سفر أدائها في الحضر مثلها وروى زرارة أيضا عن الباقر عليه السلام إذا نسي الرجل صلاة أو صلاها بغير طهور وهو مقيم فليقض أربعا مسافرا كان أو مقيما وإن نسي ركعتين صلى ركعتين إذا ذكر مسافرا كان أو مقيما ولو نسي تعيين الصلاة الواحدة الفائتة اليومية صلى ثلث صلوات ثلاثا أي مغربا معينة وأربعا مترددة بين الظهر والعصر والعشاء واثنتين ينوى بهما الصبح فيدخل ما في ذمته من الخمس في الثلاث يقينا ولا ترتيب بين الثلث لان الفائت واحدة لا غير ويتخير في الرباعية بين الجهر والاخفات والحكم بالاجتزاء بالثلث هو المشهور ورواه علي بن إسباط عن غير واحد من أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال من نسي صلاة من صلاة يؤمه ولم يدر أي صلاة هي صلى ركعتين وثلثا وأربعا وخالف في ذلك أبو الصلاح فأوجب قضاء الخمس لتوقف الواجب عليها ووجوب الجزم في النية وجوابه إن الواجب يمكن تأديه بالثلث كما مر والتعيين إنما يجب حيث يمكن وهو مفقود هنا مع أن الجزم لا يتحقق في النية بفعل الخمس أيضا إذ يحتمل في كل واحدة أن لا تكون هي فيحصل التردد وإن أريد الجزم بفعل العدد المنوي وإن لم يكن هو الفائت في نفس الامر من باب مقدمة الواجب فذلك حاصل على تقدير الاكتفاء بالثلث ولو كانت الفائتة من صلاة السفر اكتفى باثنتين ثنائية مطلقة إطلاقا رباعيا ومغربا لما تقدم وخالف هنا ابن إدريس مع موافقته فيما تقدم محتجا بحجة أبى الصلاح وإنما وافق في الأول للنص والاجماع وادعى إن إلحاق هذه بالحضر قياس وأجيب بمنع القياس بل هو إثبات حكم في صورة لثبوته في أخرى مساوية لها من كل وجه وذلك يسمى دلالة التنبيه ومفهوم الموافقة كما في تحريم التأفيف وما ساواه أو زاد عليه هذا إن استدل بالحديث وإن استدل بالعقل وهو البراءة الأصلية لم يرد ما ذكر مع إن الحديث ليس من قسم المتواتر بل الآحاد وهو لا يعمل به والاجماع الذي ادعاه على الأولى إن أراد به اتفاق الكل فهو ممنوع لما عرفت من مخالفة أبى الصلاح وإن كان لعدم اعتباره خلافه لكونه معلوم الأصل والنسب فلا يقدح في الاجماع كان دليلنا هنا أيضا الاجماع لان المخالف هنا كذلك فلا يقدح فيه ولو فرض أنه عين فلا ريب في الصحة عند القائلين به وعلى المشهور يحتمل العدم لأنه تعيين ما لم يعلمه ولا يظنه بخلاف الترديد فإنه مشتمل في الجملة على ما يظن وبخلاف الصبح
(٣٥٨)