قال في الفتح بعد أن ذكر السابعة من تلك الصور وهي أن يوجد القتيل في محلة أو قبيلة: أنه لا يوجب القسامة عند الثوري والأوزاعي وأبي حنيفة وأتباعهم إلا هذه الصورة ولا يجب فيما سواها. وبهذا يتبين لك أن عدم اشتراط اللوث مطلقا بعد الاتفاق على تفسيره بما سلف غير صحيح، ومن شروط القسامة عند الجميع إلا الحنفية أن يوجد بالقتيل أثر. (والحاصل) أن أحكام القسامة مضطربة غاية الاضطراب، والأدلة فيها واردة على أنحاء مختلفة، ومذاهب العلماء في تفاصيلها متنوعة إلى أنواع ومتشعبة إلى شعب، فمن رام الإحاطة بها فعليه بكتب الخلاف ومطولات شروح الحديث.
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: البينة على المدعي واليمين على من أنكر إلا في القسامة رواه الدارقطني.
وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن وسليمان بن يسار عن رجل من الأنصار:
أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لليهود وبدأهم يحلف منكم خمسون رجلا فأبوا، فقال للأنصار: استحقوا، فقالوا: أنحلف على الغيب يا رسول الله؟ فجعلها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دية على اليهود لأنه وجد بين أظهرهم رواه أبو داود.
الحديث الأول أخرجه أيضا ابن عبد البر والبيهقي من حديث مسلم بن خالد عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب به. قال البخاري: إن ابن جريج لم يسمع من عمرو بن شعيب، وقد روي عن عمرو مرسلا من طريق عبد الرزاق وهو أحفظ من مسلم بن خالد وأوثق.
ورواه ابن عدي والدارقطني من حديث عثمان بن محمد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ الحديث المذكور. قال الحافظ في التلخيص:
وهو ضعيف. والحديث الثاني الراوي له عن أبي سلمة وسليمان وهو الزهري، قال المنذري في مختصر السنن بعد ذكره قال بعضهم: وهذا ضعيف لا يلتفت إليه.
وقد قيل للامام الشافعي: ما منعك أن تأخذ بحديث ابن شهاب يعني هذا؟ فقال: مرسل والقتيل أنصاري. والأنصاريون بالعناية أولى بالعلم به من غيرهم إذ كان كل ثقة وكل عندنا بنعمة الله ثقة. قال البيهقي: وأظنه أراد بحديث الزهري ما روى عنه معمر عن أبي سلمة وسليمان بن يسار عن رجال من الأنصار وذكر هذا الحديث. وقد