ما فوق الاثنتين يقتضي التحريم ما سيأتي من أن الرضاع المقتضي للتحريم هو الخمس الرضعات، وسيأتي تحقيق ذلك وذكر من قال به، نعم هذه الأحاديث دافعة لقول من قال: إن الرضاع المقتضي للتحريم هو الواصل إلى الجوف، ولا شك أن المصة الواحدة تصل إلى الجوف فكيف ما فوقها؟ وسيأتي ذكر ما تمسكوا به.
وعن عائشة أنها قالت: كان فيما نزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن رواه مسلم وأبو داود والنسائي. وفي لفظ قالت وهي تذكر الذي يحرم من الرضاعة نزل في القرآن عشر رضعات معلومات ثم نزل أيضا خمس معلومات رواه مسلم. وفي لفظ قالت: أنزل في القرآن عشر رضعات معلومات فنسخ من ذلك خمس رضعات إلى خمس رضعات معلومات، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على ذلك رواه الترمذي. وفي لفظ: كان فيما أنزل الله عز وجل من القرآن ثم سقط لا يحرم إلا عشر رضعات أو خمس معلومات رواه ابن ماجة. وعن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمر امرأة أبي حذيفة فأرضعت سالما خمس رضعات، وكان يدخل عليها بتلك الرضاعة رواه أحمد. وفي رواية: أن أبا حذيفة تبنى سالما وهو مولى لامرأة من الأنصار كما تبنى النبي صلى الله عليه وآله وسلم زيدا، وكان من تبنى رجلا في الجاهلية دعاه الناس ابنه وورث ميراثه حتى أنزل الله عز وجل: * (أدعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم) * (الأحزاب: 5) فردوا إلى آبائهم معي فمن لم يعلم له أب فمولى وأخ في الدين فجاءت سهلة فقالت يا رسول الله كنا نرى سالما ولدا يأوي معي ومع أبي حذيفة ويراني فضلى وقد أنزل الله عز وجل فيهم ما قد علمت فقال: أرضعيه خمس رضعات فكان بمنزلة ولده من الرضاعة رواه مالك في الموطأ وأحمد.
حديث عائشة في قصة سالم أخرج الرواية الأولى منه النسائي عن جعفر بن ربيعة عن الزهري كتاب عن عروة عنها. ورواه الشافعي في الام عن مالك عن الزهري عن عروة مرسلا. ورواه أيضا عبد الرزاق. وأخرج الرواية الثانية عنها أبو داود.
وأخرجها أيضا البخاري في المغازي من صحيحه من طريق عقيل عن الزهري عن عروة عنها إلى قوله: فجاءت سهلة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: فذكر الحديث ولم يسق بقيته، وساقها البيهقي في سننه من هذا الوجه كرواية أبي داود