) * (الطلاق: 6) وبأن الزوجة المطلقة بائنا محبوسة بسبب الزوج، واستدلوا على عدم وجوب السكنى بقوله تعالى: * (اسكنوهن من حيث سكنتم) * فإنه أوجب أن تكون حيث الزوج وذلك لا يكون في البائنة، وأرجح هذه الأقوال الأول لما في الباب من النص الصحيح الصريح. وأما ما قيل من إنه مخالف للقرآن فوهم، فإن الذي فهمه السلف من قوله تعالى: * (لا تخرجوهن من بيوتهن) * هو ما فهمته فاطمة من كونه في الرجعية لقوله في آخر الآية: * (لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا) * لأن الامر الذي يرجى إحداثه هو الرجعة لا سواه، وهو الذي حكاه الطبري عن قتادة والحسن والسدي والضحاك، ولم يحك عن أحد غيرهم خلافه.
قال في الفتح: وحكي غيره أن المراد بالامر ما يأتي من قبل الله تعالى من نسخ أو تخصيص أو نحو ذلك فلم ينحصر انتهى. ولو سلم العموم في الآية لكان حديث فاطمة المذكور مخصصا له، وبذلك يظهر أن العمل به ليس يترك للكتاب العزيز كما قال عمر فيما أخرجه عنه مسلما أخبر بقول فاطمة المذكور: لا نترك كتاب ربنا وسنة نبينا لقول امرأة لا ندري لعلها حفظت أم نسيت. (فإن قلت) إن قوله وسنة نبينا يدل على أنه قد حفظ في ذلك شيئا من السنة يخالف قول فاطمة لما تقرر أن قول الصحابي من السنة كذا له حكم الرفع. قلت: صرح الأئمة بأنه لم يثبت شئ من السنة يخالف قول فاطمة، وما وقع في بعض الروايات عن عمر أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: لها السكنى والنفقة فقد قال الإمام أحمد: لا يصح ذلك عن عمر، وقال الدارقطني: السنة بيد فاطمة قطعا، وأيضا تلك الرواية عن عمر من طريق إبراهيم النخعي ومولده بعد موت عمر بسنتين. قال العلامة ابن القيم: ونحن نشهد بالله شهادة نسأل عنها إذا لقيناه أن هذا كذب على عمر، وكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وينبغي أن لا يحمل الانسان فرط الانتصار للمذاهب والتعصب على معارضة السنن النبوية الصريحة الصحيحة بالكذب البحث، فلو يكون هذا عند عمر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لخرست فاطمة وذووها ولم ينبزوا بكلمة ولا دعت فاطمة إلى المناظرة انتهى. (فإن قلت) أن ذلك القول من عمر يتضمن الطعن على رواية فاطمة لقوله: لقول امرأة لا ندري لعلها حفظت أو نسيت قلت: هذا مطعن باطل بإجماع المسلمين للقطع بأنه لم ينقل عن أحد من العلماء أنه رد خبر المرأة لكونها امرأة، فكم من سنة قد تلقتها الأمة بالقبول عن