والله تعالى يصرفه عنها كما تصرفه؟ عن المدينة والملائكة تنزل على المصلين في كل بلد كما أخبر عليه السلام (أنه يتعاقب فينا ملائكة بالليل والنهار) * ومنها قوله عليه السلام (هي طيبة) ونعم هي والله طيبة وليس في هذا فضل لها على مكة أصلا * فهذا كل ما احتجوا به من الاخبار الصحاح ما لهم خبر صحيح سوى هذه، وكلها لا حجة في شئ منها على فضل المدينة على مكة أصلا على ما بينا، والحمد لله رب العالمين * واحتجوا عمن دون رسول الله عليه السلام بالخبر الصحيح ان عمر قال لعبد الله ابن عياش بن أبي ربيعة: أنت القائل لمكة خير من المدينة فقال له عبد الله: هي حرم الله وأمنه، وفيها بيته فقال له عمر: لا أقول في حرم الله وأمنه شيئا أنت القائل: لمكة خير من المدينة فقال عبد الله: هي حرم الله وأمنه وفيها بيته فقال له عمر: لا أقول في حرم الله وأمنه شيئا، ثم انصرف * قال أبو محمد: هذا حجة عليهم لالهم لان عبد الله بن عياش لم ينكر لعمر أنه قال ما قرره عليه بل احتج لقوله ذلك بما لم يعترض فيه عمر، فصح ان عبد الله بن عياش - وهو صاحب - كأن يقول: مكة أفضل من المدينة وليس في هذا الخبر اعن عمر لا أن مكة أفضل ولا أن المدينة أفضل: وإنما فيه تقريره لعبد الله على هذا القول فقط، ونحن نوجدهم عن عمر تصريحا بأن مكة من المدينة * حدثنا يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري نا سعيد بن نصر نا قاسم بن اصبغ نا محمد بن وضاح نا حامد بن يحيى البلخي نا سفيان بن عيينة عن زياد بن سعد أرنا سليمان ابن عتيق قال: سمعت عبد الله بن الزبير يقول: سمعت عمر بن الخطاب يقول: صلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في مسجد النبي عليه السلام) وهذا سند كالشمس في الصحة، فهذان صاحبان لا يعرف لهما من الصحابة مخالف ومثل هذا حجة عندهم * ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن عبد الكريم الجزري عن سعيد بن المسيب قال: من نذر ان يعتكف في مسجد إيليا فاعتكف في مسجد النبي عليه السلام بالمدينة أجزأ عنه ومن نذر ان يعتكف في مسجد النبي عليه السلام فاعتكف في المسجد الحرام أجزأ عنه، فهذا سعيد فقيه أهل المدينة يصرح بفضل مكة على المدينة * قال أبو محمد: واحتجوا باخبار موضوعة يجب التنبيه عليها والتحذير منها * منها خبر رويناه أن النبي عليه السلام قال في ميت رآه: دفن في التربة التي خلق منها، قالوا: والنبي عليه السلام دفن بالمدينة فمن تربتها خلق وهو أفضل الخلق فهي أفضل البقاع، وهذا خبر
(٢٨٥)