هو أفضلها، وان الصلاة فيها تؤدى إلى الجنة وإن تلك الأنهار لبركتها أضيفت إلى الجنة كما تقول في اليوم الطيب هذا من أيام الجنة، وكما قيل في الضأن أنها من دواب الجنة، وكما قال عليه السلام (إن الجنة تحت ظلال السيوف) فهذا في أرض الكفر بلا شك وليس في هذا فضل لها على مكة، ثم لو صح ما أدعوه وظنوه لما كان الفضل الا لتلك الروضة خاصة لا لسائر المدينة وهذا خلاف قولهم، (فان قالوا): ما قرب منها أفضل مما بعد قلنا: يلزمكم على هذا ان الجحفة وخيبر ووادي القرى أفضل من مكة لأنها أقرب إلى تلك الروضة من مكة، وهذا لا يقولونه ولا يقوله ذو عقل، فبطل تظننهم ولله الحمد، * وسبحان من جعل هؤلاء القوم يتأولون الاخبار الصحاح بلا برهان! مثل (البيعان بالخيار حتى يتفرقا) ومثل (لا صلاة لمن لا يقيم صلبه في الركوع والسجود) وغير ذلك، ثم يأتون إلى الاخبار التي قد صح البرهان من القرآن ومن ضرورة الحس على أنها ليست على ظاهرها فيريدون حملها على ظاهرها ان هذا لعجب لا نظير له، فبطل تعلقهم بهذا الخبر ولله الحمد * وقد روينا من طريق أحمد بن شعيب أخبرني إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني نا موسى ابن داود عن حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس (أن رسول الله عليه السلام (1) قال: الحجر الأسود من الجنة) فهذا بمكة فالذي بمكة من هذا كالذي للمدينة إذ في كل واحدة منهما شئ من الجنة * ومنها قوله عليه السلام: ((صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام) * قال أبو محمد: تأولوا هم ان الصلاة في مسجد المدينة أفضل من الصلاة في مسجد مكة بدون الألف، وقلنا نحن: بل هذا الاستثناء لان الصلاة في المسجد الحرام أفضل من الصلاة في مسجد المدينة * قال على: فكلا التأويلين محتمل نعم وتأويل ثالث وهو الا المسجد الحرام فان الصلاة في كليهما سواء ولا يجوز المصير إلى أحد هذه التأويلات دون الاخر الا بنص آخر، وبطل أن يكون في هذا الخبر بيان في فضل المدينة على مكة، بالله تعالى التوفيق * ومنها قوله عليه السلام (على أنقاب المدينة ملائكة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال) وهذا ليس فيه فضلها على مكة لأنه عليه السلام قد أخبر ان مكة لا يدخلها الدجال أيضا
(٢٨٤)