برهان ذلك خروجه عليه السلام عنها للجهاد وأمره الناس بالخروج معه والوعيد على من تخلف بالمدينة لغير عذر هذا مالا شك فيه، وكذلك بعثته عليه السلام أصحابه إلى اليمن. والبحرين. وعمان للدعاء إلى الاسلام. وتعليم القرآن. والسنن وهو عليه السلام يقول: (الدين النصيحة) فبلا شك أنه قد نصحهم في اخراجهم لذلك، فصح قولنا: وبطل أن يكون لهم متعلق في هذا في دعواهم فضل المدنية على مكة * وأما قوله عليه السلام (لا يخرج أحد منهم رغبة عنها) فهذا الحق وعلى من يرغب ؟؟ المدينة لعنة الله فما هو بمسلم، وكذلك بلا شك من رغب عن مكة وليس في هذا فضل لها على مكة ومنها قوله عليه السلام: (أمرت بقرية تأكل القرى) وهذا إنما فيه ان من المدينة تفتح الدنيا وليس في هذا فضل لها على مكة وقد فتحت خراسان. وسجستان. وفارس.
وكرمان من البصرة وليس ذلك دليلا على فضل البصرة على مكة * ومنها قوله عليه السلام (إن الايمان يأرز (1) إلى المدينة كما تأرز الحية إلى حجرها) وهذا ليس فيه فضلها على مكة وإنما هو خبر عن وقت دون وقت بلا شك * وبرهان ذلك أنه عليه السلام لا يقول: الا الحق وهو اليوم بخلاف ذلك فوا حزناه ووا أسفاه وما الاسلام ظاهرا الا في غيرها ونسأل الله اعادتها إلى أفضل ما كانت عليه بعده عليه السلام، وقد جاء هذا الخبر بزيادة كما رويناه من طريق مسلم نا محمد بن رافع نا شبابة بن سوار نا عاصم - هو ابن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب - عن أبيه عن جده عبد الله بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ان الاسلام بدا غريبا وسيعود غريبا كما بدا وهو يأرز بين المسجدين كما تأرز الحية إلى حجرها (2)) ففي هذا أن الايمان يأرز بين مسجد مكة ومسجد المدينة * ومنها حديث أنس (أن رسول الله عليه السلام كان إذا قدم من سفر فنظر إلى جدرات (3) المدينة أو ضع راحلته من حبها)، وهذا ليس فيه إلا أنه عليه السلام كان يحبها ونعم هذا حق وليس فيه أنه كان يحبها أكثر من حبه مكة ولا أنها أفضل من مكة * ومنها قوله عليه السلام: (لا يكيد أحد أهل المدينة إلا أنماع (4) كما ينماع الملح في الماء) * ومنها قوله عليه السلام (لا يريد أحد أهل المدينة بسوء الا أذابه الله في النار ذوب الرصاص أو ذوب الملح في الماء ومن أخاف أهل المدينة أخافه الله وعليه لعنة الله والملائكة