مقلدوه بأخبار ثابتة * منها قوله عليه السلام (ان إبراهيم حرم مكة ودعا لها وانى حرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة وانى دعوت في صاعها ومدها بمثل ما دعا به إبراهيم لأهل مكة) * قال أبو محمد: هذا لا حجة لهم فيه لأنه لا دليل فيه على فضل المدينة على مكة أصلا وإنما فيه أنه عليه السلام حرمها كما حرم إبراهيم مكة ودعا لها كما دعا إبراهيم لمكة فقط، وهذا حق وقد دعا عليه السلام للمسلمين كلهم كما دعا لأبي بكر. وعمر. ولأصحابه رضي الله عنهم فهل في ذلك دليل على فضلنا عليهم أو على مساواتنا لهم في الفضل؟ هذا مالا يقوله ذو عقل، وقد حرم عليه السلام الدماء والاعراض والأموال وليس في ذلك دليل على فضل، واحتجوا بخبر آخر صحيح أنه عليه السلام كأن يقول: (اللهم بارك لنا في تمرنا وبارك لنا في مدينتنا وبارك لنا في صاعنا ومدنا اللهم ان إبراهيم عبدك وخليلك ونبيك وأنه دعاك لمكة وانى أدعوك للمدينة بمثل ما دعاك به لمكة ومثله معه) وبخبر صحيح فيه (اللهم اجعل بالمدينة ضعفي ما جعلت بمكة من البركة) وهذا لا حجة فيه في فضل المدينة على مكة وإنما فيه الدعاء للمدينة بالبركة، ونعم هي والله مباركة، وإنما دعا إبراهيم لمكة بما أخبر به تعالى إذ يقول: (فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات)، ولا شك في أن الثمار بالمدينة أكثر مما بمكة، ولا شك في أن النبي عليه السلام لم يدع للمدينة بأن تهوى أفئدة الناس إليها أكثر من هويها إلى مكة لان الحج إلى مكة لا إلى المدينة، فصح أن دعاءه عليه السلام للمدينة بمثل ما دعا به إبراهيم لمكة ومثله معه إنما هو في الرزق من الثمرات وليس هذا من باب الفضل في شئ * ومنها قوله عليه السلام (المدينة كالكير تنفى خبثها وينصع (1) طيبها، وإنما تنفى الناس كما ينفى الكير خبث الحديد) ولا حجة فيه في فضلها على مكة لان هذا الخبر إنما هو في وقت دون وقت، وفي قوم دون قوم، وفي خاص لافى عام * برهان ذلك أنه عليه السلام لا يقول: إلا الحق، ومن أجاز على النبي عليه السلام الكذب فهو كافر، وقال الله تعالى: (ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم)، وقال تعالى: (ان المنافقين في الدرك الأسفل من النار)، فصح أن المنافقين أخبث الخلق بلا خلاف من أحد من المسلمين وكانوا بالمدينة، وكذلك قد خرج على.
وطلحة. والزبير. وأبو عبيدة بن الجراح. معاذ. وابن مسعود عن المدينة وهم من أطيب الخلق رضي الله عنهم بلا خلاف من مسلم حاشا الخوارج في بغضهم، فصح يقينا