فهو القوى الذي يضعف ولا يغلب، وفيها أن الله تعالى خفف عنا فله الحمد وما زال ربنا تعالى رحيما بنا يخفف عنا في جميع الاعمال التي ألزمنا، وفيها انه كان منا مائة صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منا ألف يغلبوا ألفين بإذن الله وهذا حق، وليس فيه أن المائة لا تغلب أكثر من مائتين ولا أقل أصلا بل قد تغلب ثلاثمائة نعم وألفين وثلاثة آلاف ولا أن الألف (1) لا يغلبون الا ألفين فقط لا أكثر ولا أقل، ومن ادعى هذا في الآية فقد أبطل وادعى ما ليس فيها منه (2) أثر. ولا إشارة. ولا نص. ولا دليل، بل قد قال عز وجل (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين) فظهر أن (3) قولهم لا دليل عليه أصلا. ونسألهم عن فارس بطل شاكي السلاح قوى لقى ثلاثة من شيوخ اليهود الحربيين هرمى مرضى رجالة عزلا (4) أو على حمير أله ان يفر عنهم؟ لئن قالوا نعم: ليأتن بطامة يأباها الله والمؤمنين وكل ذي عقل، وإن قالوا: لا ليتركن قولهم (5)، وكذلك نسألهم عن ألف فارس نخبة أبطال أمجاد مسلحين ذوي بصائر لقوا ثلاثة آلاف من محشودة بادية النصارى رجالة مسخرين؟ ألهم ان يفروا عنهم؟ * وروينا وكيع عن الربيع بن صبيح عن الحسن قال: ليس الفرار من الزحف من الكبائر إنما كان ذلك يوم بدر خاصة * قال أبو محمد: وهذا تخصيص للآية بلا دليل. روينا من طريق البزار نا عمرو بن علي ومحمد بن مثنى قالا جميعا: نا يحيى بن سعيد القطان نا عوف الاعرابي عن يزيد الفارسي نا ابن عباس ان عثمان قال له: كانت الأنفال من أول ما أنزل بالمدينة * وروينا من طريق مسلم نا هارون بن سعيد (الأيلي) (6) نا ابن وهب أخبر نا سليمان (7) بن بلال عن ثور بن زيد عن أبي الغيث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (8): (اجتنبوا السبع الموبقات (قيل تا رسول الله وما هن؟ قال:) (9) الشرك بالله. والسحر. وقتل النفس التي حرم الله الا بالحق. وأكل مال اليتيم. وأكل الربا. والتولى يوم الزحف. وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات) فعم عليه السلام ولم يخص * ومن طريق البخاري نا عبد الله بن محمد نا معاوية بن عمرو نا أبو إسحاق - هو الفزاري - عن موسى بن عقبة عن سالم أبى النضر مولى عمر بن عبيد الله قال: كتب إليه عبد الله بن أبي أوفى (10) فقرأته ان رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال يا أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية؟ فإذا لقيتموهم فاصبروا واعلموا أن الجنة تحت ظلال
(٢٩٣)