قال أبو محمد: كل ما ذكرنا آراء فاسدة متناقضة ولئن كانت السباع محرمة على المحرم وفي الحرم فان تفريق أبي حنيفة بين جزاء الصيد فرأى فيه قيمته يبتاع ما بلغت من الاهداء ولو ثلاثة. أو أربعة وبين جزاء السباع فلم ير فيها الا الأقل من قيمتها أو شاة فقط لا يزيد على واحدة عجب لا نظير له؟، ودين جديد نبرأ إلى الله تعالى عز وجل منه، وقول بلا برهان لامن قرآن. ولا سنة. ولا رواية سقيمة. ولاقول أحد يعرف قبله.
ولا قياس. ولا رأى له نصيب من السداد، وكذلك تفريق مالك بين صغار الغربان، والحديا وبين صغار العقارب، والحيات، وبين سباع الطير، وبين سباع ذوات الأربع * (فان قالوا): قسنا سباع ذوات الأربع على الكلب العقور قلنا: فهلا قستم سباع الطير على الحدأة؟ أو هلا قستم سباع ذوات الأربع على الضبع وعلى الثعلب عندكم؟ واحتجوا في القردان بأنها من البعير * قال على: هذا كلام فاحش الفساد لوجهين، أحدهما أنه باطل وما كانت القردان قط متولدة من الإبل، والثاني أنه ما علم في دين ا لله تعالى إحرام على بعير ولو أن محرما أنزى بعيره على ناقة أو أنزى بعيرا على ناقته ما كان عليه في ذلك شئ، فكيف ان (1) يعذب بأكل القردان له (2)؟ ان هذا لعجب! واحتجوا في القملة بأنها من الانسان فقلنا فكان ماذا؟ وهم لا يختلفون ان الصفار (3) من الانسان ولو قتلها المحرم لم يكن فيها عندهم شئ، وقالوا: هو إماطة الأذى (4) عن نفسه فقنا: نعم فكان ماذا؟ وما أمر الله تعالى قط في إماطة الأذى بغير حلق الرأس بشئ وأنتم لا تختلفون في أن تعصير الدمل وحك الجلد وغسل القذى عن العين وقتل البراغيث إماطة أذى ولا شئ عليه في ذلك عندكم، وإذ (5) قستم إماطة الأذى حيث اشتهيتم على إماطة الأذى بحلق الرأس فاجعلوا فيها ما في إماطة الأذى بحلق الرأس والا فقد خلطتم وتناقضتم وأبطلتم قياسكم * قال على: وهذا الباب كله مرجعه إلى شيئين، أحدهما قول الله تعالى (لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم) الآية * وإلى ما رويناه من طريق نافع عن ابن عمر قيل: (يا رسول الله ما نقتل من الدواب إذا أحرمنا؟
قال: خمس لا جناح على من قتلهن الحدأة، والغراب، والعقرب، والفأرة والكلب العقور) * ومن طريق سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم (خمس لا جناح على من (6) قتلهن في الحرم والاحرام الفأرة. والغراب. والحدأة. والعقرب، والكلب العقور) *