يأتي فجاء رجل من بهز هو الذي عقر الحمار فقال: يا رسول الله شأنكم بهذا الحمار فأمر عليه السلام أبا بكر فقسمه بين الناس)، وهو قول عمر بن الخطاب. وطلحة كما ذكرنا وأبي هريرة كما روينا من طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سالم بن عبد الله ابن عمر أنه سمع أبا هريرة يحدث أباه عبد الله بن عمر قال: سألني قوم محرمون عن محلين أهدوا لهم صيدا؟ قال: فأمرتهم بأكله، ثم لقيت عمر فأخبرته فقال عمر: لو أفتيتهم بغير هذا لأوجعتك * ومن طريق يحيى بن سعيد القطان عن ابن جريج حدثني يوسف بن ماهك أنه سمع عبد الله بن أبي عمار قال: أقبلنا مع معاذ بن جبل محرمين بعمرة من بيت المقدس وأميرنا معاذ بن جبل فأتى رجل بحمار وحش قد عقره فابتاعه كعب بن مسلم فجاء معاذ والقدور تغلى به فقال معاذ: لا يطيعني أحد الا أكفأ قدره فأكفأ القوم قورهم فلما وافوا عمر قص عليه كعب قصة الحمار فقال عمر: ما بأس ذلك؟ ومن نهى عن ذلك؟ لعلك أفتيت بذلك يا معاذ قال: نعم فلامه عمر * وهو أيضا قول ابن عمر. وابن مسعود. وأبي ذر. ومجاهد. وا لليث. وأبي حنيفة، وغيرهم * قال أبو محمد: فكانت هذه الأخبار والتي قبلها صحاحا كلها، فالواجب في ذلك الاخذ بجميعها واستعمالها كما هي دون أن يزاد في شئ منها ما ليس فيه فيقع فاعل ذلك في الكذب، فنظرنا في هذه الأخبار فوجدنا فيها إباحة أكل ما صاده الحلال للمحرم، ثم نظرنا في في التي قبلها فوجدناها ليس فيها نهى المحرم عن أكل ما صاده المحل أصلا وإنما فيها قوله عليه السلام (انا لا نأكله انا حرم، ولولا أننا محرمون لقبلناه) فإنما فيه رد الصيد على مهديه لأنهم حرم وترك أكله لأنهم حرم، وهذا فعل منه عليه السلام وليس أمرا وإنما الواجب أمره وإنما في فعله الايتساء به فقط، وهذا مثل قوله عليه السلام (أما انا فلا آكل متكئا) وتركه أكل الضب فلم يحرم بذلك الاكل متكئا لكن هو الأفضل ولم يحرم أيضا أكل المحرم الصيد يصيده المحل بقوله عليه السلام (انا لا نأكله انا حرم) لكن كان ترك أكله أضل، وهكذا روى عن عائشة ولا حرج في أكله أصلا ولا كراهة لأنه عليه السلام قد أباحه واكله أيضا فمرة أكله ومرة لم يأكله ومرة قبله ومرة لم يقبله، فكل ذلك حسن مباح، وهكذا القول في الحديث الذي فيه (أهدى لرسول الله عليه السلام بيض نعام وتتمير وحش فقال: أطعمه أهلك فانا حرم) لو صح فكيف ولا يصح؟ فإذ لاشك في هذا فقد صح ان قول الله تعالى: (وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما) إنما أراد به التصيد في البر فقط، وصح ان قوله تعالى: (لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم) نهي عن قتله في حال كون المرء حرما، والذكاة ليست قتلا بلا خلاف في الشريعة والقتل
(٢٥١)