ولنا انه ينعقد عليه حول الزكاة ويصح اخراجها عنه ويصح التصرف فيه بالابراء والحوالة والمعاوضة عنه لمن هو في ذمته والتوكيل في استيفائه فيحنث به كالمودع، وإن كان له مال مغصوب حنث لأنه باق على ملكه، فإن كان له مال ضائع ففيه وجهان (أحدهما) يحنث لأن الأصل بقاؤه على ملكه (والثاني) لا يحنث لأنه لا يعلم بقاؤه، وإن ضاع على وجه قد يئس من عوده كالذي يسقط في بحر لم يحنث لأن وجوده كعدمه ويحتمل أن لا يحنث في كل موضع لا يقدر على أخذ ماله كالمجحود والمغصوب والذي على غير ملئ لأنه لا نفع فيه وحكمه حكم المعدوم في جواز الاخذ من الزكاة وانتفاء وجوب أدائها عليه عنه وإن تزوج لم يحنث لأن ما يملكه ليس بمال وإن وجب له حق شفعة لم يحنث لأنه لم يثبت له الملك به وإن استأجر عقارا أو غيره لم يحنث لأنه لا يسمى مالكا لمال " مسألة " قال (ولو حلف لا يأكل لحما فاكل الشحم أو المخ أو الدماغ لم يحنث الا أن يكون أراد اجتناب الدسم فيحنث بأكل الشحم) وجملته ان الحالف على ترك أكل اللحم لا يحنث بأكل ما ليس بلحم من شحم والمخ وهو الذي في العظام والدماغ وهو الذي في الرأس في قحفه ولا الكبد والطحال والرئة والقلب والكرش والمصران والقانصة ونحوها وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة ومالك يحنث بأكل هذا كله لأنه لحم حقيقة ويتخذ منه ما يتخذ من اللحم فأشبه لحم الفخذ ولنا انه لا يسمى لحما وينفرد عنه باسمه وصفته، ولو أمر وكيله بشراء لحم فاشترى هذا لم يكن ممتثلا لامره ولا ينفذ الشراء للموكل فلم يحنث بأكله كالبقل، وقد دل على أن الكبد والطحال ليستا بلحم قول النبي صلى الله عليه وسلم " أحلت لنا ميتتان ودمان أما الدمان فالكبد والطحال " ولا نسلم انه لحم حقيقة بل هو من الحيوان مع اللحم كالعظم ولادم، فأما إن قصد اجتناب الدسم حنث بأكل الشحم لأن له دسما وكذلك المخ وكل ما فيه دسم (فصل) ولا يحنث بأكل الالية وقال بعض أصحاب الشافعي يحنث لأنها نابتة في اللحم وتشبهه في الصلابة وليس بصحيح لأنها لا تسمى لحما ولا يقصد بها ما يقصد به وتخالفه في اللون والذوب والطعم فلم يحنث بأكلها كشحم البطن، فأما الشحم الذي على الظهر والجنب وفي تضاعيف اللحم فلا يحنث بأكله في ظاهر كلام الخرقي فإنه قال اللحم لا يخلو من شحم يشير إلى ما يخالط اللحم مما تذيبه النار وهذا كذلك وهذا قول طلحة العاقولي وممن قال هذا شحم أبو يوسف ومحمد وقال القاضي هو لحم يحنث بأكله ولا يحنث بأكله من خلف لا يأكل شحما وهذا مذهب الشافعي لأنه لا يسمى شحما ولا بائعه
(٣١٨)