(فصل) ثم ينظر في أمر الضوال واللقطة التي تولى الحاكم فإن كانت مما يخاف تلفه كالحيوان أو في حفظه مؤنة كالأموال الجافية باعها وحفظ ثمنها لأربابها، وإن لم تكن كذلك كالأثمان حفظها لأربابها ويكتب عليها لتعرف (مسألة) قال (ولا يحكم بين اثنين وهو غضبان) لا خلاف بين أهل العلم فيما علمناه في أن القاضي لا ينبغي له ان يقضي وهو غضبان كره ذلك شريح وعمر بن عبد العزيز وأبو حنيفة والشافعي وكتب أبو بكرة إلى عبد الله بن أبي بكرة وهو قاض بسجستان ان لا تحكم بين اثنين وأنت غضبان فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان " متفق عليه، وكتب عمر رضي الله عنه إلى أبي موسى إياك والغضب والقلق والضخر والتأذي بالناس والتنكر لهم عند الخصومة فإذا رأيت الخصم يتعمد الظلم فأوجع رأسه ولأنه إذا غضب تغير عقله ولم يستوف رأيه وفكره وفي معنى الغضب كلما شغل فكره من الجوع المفرط والعطش الشديد والرجع المزعج ومدافعة أحد الأخبثين وشدة النعاس والهم والغم والحزن والفرح فهذه كلها تمنع الحاكم لأنها تمنع حضور القلب واستيفاء الفكر الذي يتوصل به إلى إصابة الحق في الغالب فهي في معنى الغضب المنصوص عليه فتجري مجراه فإن حكم في الغضب أو ما شاكله
(٣٩٤)