ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم " سيد الادام اللحم - وقال - سيد إدامكم الملح " رواه ابن ماجة لأنه يؤكل به الخبز عادة فكان ادما كالذي يصطبغ به، ولان كثيرا مما ذكرنا لا يؤكل في العادة وحده إنما يعد للتأدم به وأكل الخبز به فكان أدما كالخل واللبن، وقولهم انه يرفع إلى الفم وحده مفردا عنه جوابان (أحدهما) أن منه ما يرفع مع الخبز كالملح ونحوه (والثاني) أنهما يجتمعان في الفم والمضغ والبلع الذي هو حقيقة الاكل فلا يضر افتراقهما قبله فأما التمر ففيه وجهان (أحدهما) هو أدم لما روى يوسف عن عبد الله بن سلام قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع تمرة على كسرة وقال " هذه إدام هذه " رواه أبو داود وذكره الإمام أحمد (والثاني) ليس بادم لا يؤتدم به عادة إنما يؤكل قوتا أو حلاوة وإن أكل الملح مع الخبز فهو إدام لما ذكرنا من الخبز ولأنه يؤكل به الخبز ولا يؤكل منفردا عادة أشبه الجبن والزيتون (فصل) فإن حلف لا يأكل طعاما فأكل ما يسمى طعاما من قوت وأدم وحلواء وتمر وجامد ومائع حنث قال الله تعالى (كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل الا ما حرم إسرائيل على نفسه) وقال تعالى (ويطعمون الطعام على حبه) يعني على محبة الطعام لحاجتهم إليه وقيل على حب الله تعالى، وقال الله تعالى (قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير) وسمى النبي صلى الله عليه وسلم " اللبن طعاما " وقال " إنما يخزن لهم ضروع مواشيهم أطعمتهم " وفي الماء وجهان:
(أحدهما) هو طعام لقول الله تعالى (إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني) والطعام ما يطعم، ولان النبي صلى الله عليه وسلم سمى اللبن طعاما وهو مشروب فكذلك الماء (والثاني) ليس بطعام لأنه لا يسمى طعاما ولا يفهم من اطلاق اسم الطعام ولهذا يعطف عليه فيقال طعام وشراب، وقال النبي صلى الله عليه وسلم (اني لا أعلم ما يجزئ من الطعام والشراب إلا اللبن " ورواه ابن ماجة ويقال باب الأطعمة والأشربة، ولأنه إن كان طعاما في الحقيقة فليس بطعام في العرف فلا يحنث بشربه لأن مبني الايمان على العرف لكون الحالف في الغالب لا يريد بلفظه الا ما يعرفه فإن أكل دواء ففيه وجهان (أحدهما) يحنث لأنه يطعم حال الاختيار وهذا مذهب الشافعي [والثاني] لا يحنث لأنه لا يدخل في اطلاق اسم الطعام ولا يؤكل إلا عند الضرورة فإن أكل من نبات الأرض ما جرت العادة بأكل حنث، وإن أكل ما لا يجزئه عادة كورق الشجر ونشارة الخشب احتمل وجهين