(فصل) فإن تعلق بغصن شجرة في الدار لم يحنث وان صعد حتى صار في مقابلة سطحها بين حيطانها حنث وان لم ينزل بين حيطانها احتمل أن يحنث لأنه في هوائها وهواؤها ملك لصاحبها فأشبه ما لو قام على سطحها واحتمل أن لا يحنث لأنه لا يسمى داخلا ولا هو على شئ من اجزائها وكذلك أن كانت الشجرة في غير الدار فتعلق بفرع ماد على الدار في مقابلة سطحها فإن قال على حائط الدار احتمل وجهين. (أحدهما) أنه يحنث وهو قول أبي ثور وأصحاب الرأي لأنه داخل في حدها فأشبه القائم على سطحها (والثاني) لا يحنث لأنه لا يسمى دخولا، وان قام في طاق الباب فكذلك لأنه بمنزلة حائطها، وقال القاضي إذا قام على العتبة لم يحنث، لأن الباب إذا غلق حصل خارجا منها ولا يسمى داخلا فيها.
(فصل) وان حلف أن لا يضع قدمه في الدار فدخلها راكبا أو ماشيا منقولا أو حافيا حنث كما لو حلف أن لا يدخلها، وبهذا قال أصحاب الرأي وقال أبو ثور ان دخلها راكبا لم يحنث لأنه لم يضع قدمه فيها.
ولنا انه قد دخل أدار فحنث كما لو دخلها ماشيا ولا نسلم انه لم يضع قدمه فيها فإن قدمه موضوعة على الدابة فيها فأشبه ما لو دخلها منتعلا وعلى أن هذا في العرف عبارة عن اجتناب الدخول فتحمل اليمين عليه فإن قيل هذا مجاز لا يحمل اليمين عليه قلنا المجاز إذا اشتهر صار من الأسماء العرفية فينصرف اللفظ باطلاقه إليه كلفظ الرواية والدابة وغيرهما.
(فصل) وان حلف لا يدخل هذه الدار من بابها فدخلها من غير الباب لم يحنث لأن يمينه لم يتناول غير الباب ويتخرج انه يحنث إذا أراد بيمينه اجتناب الدار ولم يكن للباب سبب هيج يمينه كما لو حلف لا يأوي مع زوجته في دار فأوى معها في غيرها وان حول بابها في مكان آخر فدخل فيه حنث لأنه دخلها من بابها وهذا أحد الوجهين لأصحاب الشافعي، وإن حلف لا دخلت من باب هذه الدار فكذلك وان جعل لهاب آخر مع بقاء الأول فدخل منه حنث لأنه دخل من باب الدار وإن قلع الباب ونصب في دار أخرى وبقي الممر حنث بدخوله ولم يحنث بالدخول من الموضع الذي نصب فيه الباب لأن الدخول في الممر لا من المصراع.