وقد روى الدارقطني باسناده عن علي رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي " قد جعلت لك هذه السبقة بين الناس " فخرج علي فدعا سراقة بن مالك فقال يا سراقة إني قد جعلت إليك ما جعل النبي صلى الله عليه وسلم في عنقي من هذه السبقة في عنقك فإذا أتيت الميطان - قال أبو عبد الرحمن الميطان مرسلها من الغاية - فصف الخيل ثم ناد هل من مصلح للجام أو حامل لغلام أو طارح لجل فإذا لم يجبك أحد فكبر ثلاثا ثم خلها عند الثالثة فيسعد الله بسبقه من شاء من خلقه، وكان علي يقعد على منتهى الغاية يخط خطا ويقيم رجلين متقابلين عند طرف الخط طرفيه بين ابهامي أرجلهما وتمر الخيل بين الرجلين ويقول لهما إذا خرج أحد الفرسين على صاحبه بطرف أذنيه أو اذن أو عذار فاجعلا السبقة له فإن شككتما فاجعلوا سبقهما نصفين فإذا قرنتم ثنتين فاجعلا الغاية من غاية أصغر الثنتين ولا جلب ولا جنب ولا شغار في الاسلام، وهذا الأدب الذي ذكره في هذا الحديث في ابتداء الارسال وانتهاء الغاية من أحسن ما قيل في هذا وهو مروي عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه في قضية أمره بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وفوضها إليه فينبغي أن تتبع ويعمل بها (فصل) ويشترط في الرهان أن تكون الدابتان من جنس واحد فإن كانا من جنسين كالفرس والبعير لم يجز لأن البعير لا يكاد يسبق الفرس فلا يحصل الغرض من هذه المسابقة وان كانا من نوعين كالعربي والبرذون أو البختي والعرابي ففيه وجهان:
(أحدهما) لا يصح ذكره أبو الخطاب لأن التفاوت بينهما في الجري معلوم بحكم العادة فاشبها الجنسين (والثاني) يصح ذكره القاضي وهذا مذهب الشافعي لأنهما من جنس واحد، وقد يسبق كل واحد منهما الآخر والضابط الجنس وقد وجد ويكفي في المظنة احتمال الحكمة ولو على بعد