(فصل) إذا حلف لا يهب له فأهدى إليه أو أعمره حنث لأن ذلك من أنواع الهبة وان أعطاه من الصدقة الواجبة أو نذر أو كفارة لم يحنث لأن ذلك حق لله تعالى عليه يجب اخراجه فليس هو بهبة منه. وان تصدق عليه تطوعا فقال القاضي يحنث وهو مذهب الشافعي وقال أبو الخطاب لا يحنث وهو قول أصحاب الرأي لأنهما يختلفان اسما وحكما بدليل ان النبي صلى الله عليه وسلم قال " هو عليها صدقة ولنا هدية " وكانت الصدقة محرمة عليه والهدية حلال له وكان يقبل الهدية ولا يقبل الصدقة ومع هذا الاختلاف لا يحنث في أحدهما بفعل الآخر ووجه الأول انه تبرع بعين في الحياة فحنث به كالهدية ولان الصدقة تسمى هبة فلو تصدق بدرهم قيل وهب درهما وتبرع بدرهم واختلاف التسمية لكون الصدقة نوعا من الهبة فيختص باسم دونها كاختصاص الهدية والعمرى باسمين ولم يخرجهما ذلك عن كونهما هبة وكذلك اختلاف الأحكام فإنه قد يثبت للنوع ما لا يثبت للجنس كما يثبت للآدمي من الأحكام ما لا يثبت لمطلق الحيوان، فإن وصى له لم يحنث لأن الهبة تمليك في الحياة والوصية إنما تملك بالقبول بعد الموت فإن اعاره لم يحنث لأن الهبة تمليك الأعيان وليس في العارية تمليك عين ولان المستعير لا يملك المنفعة وإنما يستبيحها ولهذا يملك المعير الرجوع فيها ولا يملك المستعير إجارتها ولا اعارتها هذا قول القاضي ومذهب الشافعي، وقال أبو الخطاب يحنث لأن العارية هبة المنفعة والأول أصح، وان اضافه لم يحنث لأنه لم يملكه شيئا وإنما اباحه ولهذا لا يملك التصرف بغير الاكل وان باعه وحاباه لم يحنث لأنه معاوضة يملك الشفيع اخذ جميع المبيع ولو كان هبة أو بعضه هبة لم يملك أخذه كله
(٢٣٨)