فإن هذا يقتضي ترك كلام كل واحد منهما منفردا قال الله تعالى (ولا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا) أي لا يملكون شيئا من ذلك (فصل) فإن قال أنت طالق ان كلمت زيدا وعمرا أو عبدي حران إن كلمت زيدا وعمرا لم يقع الطلاق ولا العتق الا بتكليمها لأنه جعل تكليمهما معا شرطا لوقوع ذلك ولا يثبت المشروط إلا بوجود الشرط جميعه وكذلك لو قال لامرأتيه ان حضتما فأنتما طالقتان لم يقع الطلاق على واحدة منهما الا بحيضهما جميعا وتفارق اليمين بالله تعالى فإن مقتضاها المنع من فعل المحلوف عليه فتحصل المخالفة بفعل البعض وقد جمع بعض أصحابنا بينهما في الحنث بفعل البعض لكون المقصود من الحلف كله على ترك شئ المنع ممن فعله فيستويان، أما إذا قال إذا حضتما فأنتما طالقان فليس ذلك بيمين لأنه لا يقصد بهذا منع من شئ ولا حث عليه إنما هو شرط مجرد وليس فيه معنى اليمين (فصل) ومن حلف على فعل شئ فقال والله لا آكل خبزا ولحما ولا زبدا وتمرا ولا أدخل هاتين الدارين ولا أعصى الله في هذين البلدين ولا أمسك هاتين المرأتين ففعل بعض ما حلف عليه مثل ان أكل أحدهما أو دخل إحدى الدارين أو عصى الله في أحد البلدين أو أمسك إحدى المرأتين فهل يحنث؟ يحرج على روايتين وان قصد بيمنه ان لا يجمع بينهما أو المنع من كل واحد منهما فيمينه على ما نواه وان قال والله لا آكل سمكا وأشرب لبنا بالفتح وهو من أهل العربية لم يحنث الا بالجمع بينهما لأن الواو ههنا بمعنى مع ولذلك اقتضت الفتح وان عطف أحدهما على الآخر بتكرار - لا - اقتضى المنع من كل واحد منهما منفردا وحنث بفعله (مسألة) قال (ولو حلف ان لا يلبس ثوبا فاشترى به أو بثمنه ثوبا فلبسه حنث إذا كان ممن أمتن عليه بذلك الثوب وكذلك أن انتفع بثمنه) هذه المسألة فرع أصل تقدم ذكره في أول الباب وهو ان الأسباب معتبرة في الايمان فيتعدى الحكم بتعديها فإذا أمتن عليه بثوب فحلف ان لا يلبسه لتنقطع المنة به حنث بالانتفاع به في غير اللبس من أخذ ثمنه لأنه نوع انتفاع به يلحق المنة به وان لم يقصد قطع المنة ولا كان سبب يمينه يقتضي ذلك لم يحنث الا بما تناولته يمينه وهو لبسه خاصة فلو أبدله بثوب غيره ثم لبسه أو انتفع به في غير اللبس أو باعه وأخذ ثمنه لم يحنث لعدم تناول اليمين له لفظا ونية وسببا
(٢٩٨)