هذا بل قدره بما يصير به في العرف معلما، وحكي عن أبي حنيفة انه إذا تكرر مرتين صار معلما لأن التكرار يحصل بمرتين، وقال الشريف أبو جعفر وأبو الخطاب يحصل ذلك بمرة ولا يعتبر التكرار لأنه تعلم صنعة فلا يعتبر فيه التكرار كسائر الصنائع ولنا ان تركه للاكل يحتمل أن يكون لشبع ويحتمل انه لتعلم فلا يتميز ذلك الا بالتكرار وما اعتبر فيه التكرار اعتبر ثلاثا كالمسح في الاستجمار وعدد الاقرار والشهود في العدة والغسلات في الوضوء ويفارق الصنائع فإنها لا يتمكن من فعلها الا من تعلمها فإذا فعلها علم أنه قد تعلمها وعرفها وترك الاكل ممكن الوجود من المتعلم وغيره ويوجد من الصنفين جميعا فلا يتميز به أحدهما من الآخر حتى يتكرر، وحكي عن ربيعة ومالك انه لا يعتبر ترك الأكل لما روى أبو ثعلبة الخشني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله عليه فكل وإن اكل " ذكره الإمام أحمد ورواه أبو داود.
ولنا أن العادة في المعلم ترك الأكل فاعتبر شرطا كالانزجار إذا زجر، وحديث أبي ثعلبة معارض بما روي عن عدي بن حاتم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " فإن اكل فلا تأكل فاني أخاف أن يكون إنما أمسك على نفسه " وهذا أولى بالتقديم لأنه متفق عليه ولأنه متضمن للزيادة وهو ذكر الحكم معللا ثم إن حديث أبي ثعلبة محمول على جارحة ثبت تعليمها " لقوله إذا أرسلت كلبك المعلم " ولا يثبت التعليم حتى يترك الاكل. إذا ثبت هذا فإن الانزجار بالزجر إنما يعتبر بارساله على الصيد أو رؤيته.
أما بعد ذلك فإنه لا ينزجر بحال