(فصل) فإن حلف لا يأكل رطبا فأكل منصفا وهو الذي بعضه بسر وبعضه تمر أو مذنبا وهو الذي بدأ فيه الارطاب من ذنبه وباقيه بسر أو حلف لا يأكل بسرا فأكل ذلك حنث وبهذا قال أبو حنيفة ومحمد والشافعي، وقال أبو يوسف وبعض أصحاب الشافعي لا يحنث لأنه لا يسمى رطبا ولا تمرا ولنا أنه أكل رطبا وبسرا فحنث كما لو أكل نصف رطبة ونصف بسرة منفردتين وما ذكروه لا يصح فإن القدر الذي أرطب رطب والباقي بسر ولو أنه حلف لا يأكل الرطب فأكل القدر الذي أرطب من النصف حنث ولو حلف لا يأكل البسر فأكل البسر الذي في النصف حنث وان أكل البسر من يمينه على الرطب وأكل الرطب من يمينه على البسر لم يحنث واحد منهما وان حلف واحد ليأكلن رطبا وآخر ليأكلن بسرا فأكل الحالف على أكل الرطب ما في المنصف من الرطبة وأكل الآخر باقيها برا جميعا وان حلف ليأكلن رطبة أو بسرة أو لا يأكل ذلك فأكل منصفا لم يبر ولم يحنث لأنه ليس فيه رطبة ولا بسرة (فصل) وان حلف لا يأكل لبنا فأكل من لبن الانعام أو الصيد أو لبن آدمية حنث لأن الاسم يتناوله حقيقة وعرفا وسواء كان حليبا أو رائبا أو مائعا أو مجمدا لأن الجميع لبن ولا يحنث بأكل الجبن والسمن والمصل والأقط والكشك ونحوه فإن أكل زبدا لم يحنث نص عليه وقال القاضي يحتمل ان يقال في الزبد ان ظهر فيه لبن حنث بأكله وإلا فلا كما قلنا فيمن حلف لا يأكل سمنا فأكل خبيصا فيه سمن وهذا مذهب الشافعي وان حلف لا يأكل زبدا فأكل سمنا أو لبنا لم يظهر فيه الزبد لم يحنث وإن كان الزبد ظاهرا فيه حنث وان أكل جبنا لم يحنث وكذلك سائر ما يصنع من اللبن، وان حلف لا يأكل سمنا فأكل زبدا أو لبنا أو شيئا مما يصنع من اللبن سوى السمن لم يحنث وان أكل السمن منفردا أو في عصيدة أو حلواء أو طبيخ فظهر فيه طعمه حنث ولذلك إذا حلف لا يأكل لبنا فأكل طبيخا فيه لبن أولا يأكل خلا فأكل طبيخا فيه خل يظهر طمعه فيه حنث وبهذا قال الشافعي وقال بعض أصحابه لا يحنث لأنه لم يفرده بالاكل ولا يصح لأنه أكل المحلوف عليه وأضاف إليه غيره فحنث كما لو أكله ثم اكل غيره (فصل) وان حلف لا يأكل شعيرا فأكل حنطة فيها حبات شعير حنث لأنه أكل شعيرا فحنث كما لو حلف لا يأكل رطبا فأكل منصفا ويحتمل ان لا يحنث لأنه يستهلك في الحنطة فأشبه السمن في الخبيص وان نوى بيمنه الا يأكل الشعير منفردا أو كان سبب يمينه يقتضي ذلك أو يقتضي أكل شعير يظهر اثر أكله لم يحنث الا بذلك لما قدمنا
(٣١٤)