(مسألة) قال (ومن اضطر فأصاب الميتة وخبز الا يعرف مالكه اكل الميتة) وبهذا قال سعيد بن المسيب وزيد بن أسلم، وقال مالك ان كانوا يصدقونه أنه مضطر أكل من الزرع والثمر وشرب اللبن وان خاف أن تقطع يده أو لا يقبل منه أكل الميتة، ولأصحاب الشافعي وجهان (أحدهما) يأكل الطعام وهو قول عبد الله بن دينار لأنه قادر على الطعام الحلال فلم يجز له أكل الميتة كما لو بذله له صاحبه ولنا ان أكل الميتة منصوص عليه ومال الآدمي مجتهد فيه والعدول إلى المنصوص عليه أولى ولان حقوق الله تعالى مبنية على المسامحة والمساهلة وحقوق الآدمي مبنية على مبنية على الشح والتضييق ولان حق الآدمي تلزمه غرامته وحق الله لا عوض له (فصل) إذا وجد المضطر من يطعمه ويسقيه لم يحل له الامتناع من الأكل والشرب ولا العدول إلى أكل الميتة الا أن يخاف أن يسمه فيه أو يكون الطعام الذي يطعمه مما يضره ويخاف ان يهلكه أو يمرضه (فصل) وان وجد طعاما مع صاحبه فامتنع من بذله له أو بيعه منه ووجد ثمنه لم يجز له مكابرته عليه وأخذه منه وعدل إلى الميتة سواء كان قويا يخاف من مكابرته التلف أو لم يخف فإن بذله له بثمن مثله وقدر على الثمن لم يحل له أكل الميتة لأنه قادر على طعام حلال وان بذله بزيادة على ثمن المثل لا يجحف بماله لزمه شراؤه أيضا لما ذكرناه، وإن كان عاجزا عن الثمن فهو في حكم العادم، وان امتنع من بذله الا بأكثر من ثمن مثله فاشتراه المضطر بذلك لم يلزمه أكثر من ثمن مثله لأن الزيادة أحوج إلى بذلها بغير حق فلم يلزمه كالمكره (فصل) وان وجد المحرم ميتة وصيدا أكل الميتة وبه قال الحسن ومالك وأبو حنيفة وأصحابه وقال الشافعي في أحد قوليه يأكل الصيد ويفديه وهو قول الشعبي لأن الضرورة تبيحه ومع القدرة عليه لا تحل الميتة لغناه عنها
(٧٨)