المغني - عبد الله بن قدامه - ج ١١ - الصفحة ٢٨٢
يشق الجمع فيها بين خصلتين وإيجاب الرجوع يفضي إن ذلك، فإن قيل ينتقض دليلكم بما إذا شرع المتمتع في صوم الثلاثة، قلنا إذا قدر على الهدي في صوم الثلاثة تبينا انه ليس بعادم له في وقته لأن وقت الهدي يوم النحر بخلاف مسئلتنا (الفصل الثاني) انه ان أحب الانتقال إلى الاعلى فله ذلك في قول أكثرهم ولا نعلم خلافا إلا في العبد إذا حنث ثم عتق وقال أبو الخطاب لا يجوز الانتقال في مسئلتنا محتجا بقول الخرقي إذا حنث وهو عبد فلم يكفر حتى عتق قال وهو ظاهر كلام احمد لقوله في العبد إنما يكفر ما وجب عليه ولنا ان العتق والاطعام الأصل فأجزأه التكفير به كما لو تكلف الفقير فاستدان وأعتق، وأما العبد إذا عتق فيحتمل انه يجوز له الانتقال كمسئلتنا، ويحمل كلام احمد على أنه لا يلزمه الانتقال ويحتمل انه يفرق بينه وبين الحر من حيث إن الحر كان يجزئه التكفير بالمال لو تكلفه والعبد لم يكن يجزئه الا الصيام على رواية (فصل) ولو وجبت الكفارة على موسر فأعسر لم يجزئه الصيام وبهذا قال الشافعي، وقال أبو ثور وأصحاب الرأي يجزئه لأنه عاجز عن المبدل فجاز له العدول إلى البدل كما لو وجبت عليه الصلاة ومعه ماء فاندفق قبل الوضوء به ولنا ان الاطعام وجب عليه في الكفارة فلم يسقط بالعجز عنه كالاطعام في كفارة الظهار، وفارق الوضوء لأن الصلاة واجبة ولابد من أدائها فاحتيج إلى الطهارة لها في وقتها بخلاف الكفارة (فصل) والكفارة في حق العبد والحر والرجل والمرأة والمسلم والكافر سواء، لأن الله تعالى ذكر الكفارة بلفظ عام في جميع المخاطبين فدخل الكل في عمومه الا ان الكافر لا يصح منه التكفير بالصيام لأنه عبادة وليس هو من أهلها ولا بالاعتاق لأن من شرطه الايمان في الرقبة ولا يجوز لكافر شراء مسلم الا أن يتفق إسلامه في يديه أو يرث مسلما فيعتقه فيصح اعتاقه وان لم يتفق ذلك فتكفيره بالاطعام أو الكسوة فإذا كفر به ثم أسلم لم يلزمه إعادة التكفير، وان أسلم قبل التكفير كفر بما يجب عليه في تلك الحال من اعتاق أو إطعام أو كسوة أو صيام، ويحتمل على قول الخرقي ألا يجزئه الصيام لأنه إنما يكفر بما وجب عليه حين الحنث ولم يكن الصيام مما وجب عليه
(٢٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 ... » »»
الفهرست